ما السبب الحقيقي للسعار الذي أصاب النظام الجزائري بعد توقيع المغرب لاتفاق سلام مع إسرائيل؟

ما السبب الحقيقي للسعار الذي أصاب النظام الجزائري بعد توقيع المغرب لاتفاق سلام مع إسرائيل؟

أخبارنا المغربية

بقلم : نور الدين زاوش

يبحث العالم أجمع عمن ينقذه من الوباء اللعين؛ إلا النظام الجزائري الأعجوبة الذي أنقذه هذا الوباء من أن يخر سقفه وتندحر أركانه وتتمزق أوصاله إثر الانتفاضة الشعبية العارمة التي عرفتها شوارعه وأزقته، وكأن الوباء يعرف أصحابه وأحبابه فهو لا يتخلى عنهم في المحن مهما كان الثمن؛ بل يسندهم ويدعمهم ويشد من عضدهم حتى يكملوا مسلسل إذلال الشعب المغلوب على أمره.

حينما تجد أن النظام الجزائري أصابه السُّعار على إثر قرار المغرب استئناف العلاقات مع إسرائيل أكثر مما أصاب أصحاب القضية الفلسطينية أنفسهم، تعلم يقينا بأن الأمر لا يتعلق بالقضية لا من قريب ولا من بعيد؛ بل بمليارات الدولارات التي سيفطن الشعب الجزائري أخيرا إلى أن نظامه الأخرق قد أهدرها من أجل زرع الروح في كيان وهمي لن تقوم له قائمة ولو بإفراغ خزينة الشعب عن آخرها.

إن من يظن بأن المغرب سيفرط في القضية الفلسطينية أو في مبادئها الثابتة فهو إما واهم أو متوهم، أو جاهل أو متجاهل؛ فالسياسة تتلون بأكثر من ألوان الحرباء، والإمساك بخيوط اللعبة جزء من القدرة على التحكم فيها، ولا يفترض في العاقل أن يتوجس خيفة من قرار بلد طاعن في الزمن يضبط قوانين اللعبة ويعرف جيدا من أين تؤكل الكتف.

لقد نجحت الحركات الإسلامية في العالم في تسويق القضية الفلسطينية على أنها قضية الأمة، وأن القضايا الوطنية مجرد قضايا ثانوية لا ترق إلى القضية الأم، بحكم أنها أول القبلتين وثالث الحرمين وأنها أرض مسرى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، والحقيقة أن القضية الفلسطينية تحمل في طياتها من ملامح المصداقية والمشروعية بمقدار ما تحمل من صفات القضايا العادلة أكثر من أي شيء آخر؛ لهذا من المنطقي جدا أن ندافع عن قضيتنا الوطنية بنفس الحماسة والتوهج تماما مثلما ندافع عن قضية فلسطين؛ لأنهما يشتركان معا في نفس الأسباب التي جعلت منهما قضايا جديرة بالاستماتة في الدفاع عنها سواء من الناحية الشرعية أو الإنسانية أو الأخلاقية.

من المعلوم أن القضية الفلسطينية لن تخدمها دول مقسمة وشعوب مشتتة، وأننا حينما نقوم بما يلزم لكي نحول دون وقوع مزيد من الانفصال والتشرذم في العالم الإسلامي فهو ربح للقضية الأم بمفهوم "الإسلاميين" أكثر مما هو ربح للكيان الصهيوني المحتل الذي يصبو لعالم إسلامي ضعيف ومشتت؛ لكن ما يمنع البعض لقبول العلاقات العلنية مع إسرائيل، علما أن العلاقات في السر لم تتوقف في يوم من الأيام، افتراضهم أننا لن نجني أكثر مما سنخسر، وهو افتراض في غاية التبخيس للعقل السياسي المغربي، كما أنه يخفي وراءه شعورا بالدونية أمام العقل الإسرائيلي.

من الإنصاف أن نذكر بأن إسرائيل لا تستمد قوتها من اعتراف المغرب بها، أو حتى اعتراف العالم أجمع؛ بل تستمده من ترسانتها العسكرية وتقدمها العلمي ومن قوتها على أرض الواقع؛ وبالتالي لا يمكن وصفنا، حينما نعترف بها مقابل اعترافها بالسيادة على صحرائنا، إلا بالتاجر الشاطر الذي يبيع بضاعة بخسة بأغلى الأثمان، علما أن اعترافنا هذا ليس اعترافا بمشروعية الاحتلال الذي ننبذه ونستنكره ونقاومه قدر المستطاع؛ بل هو اعتراف فقط بكون إسرائيل دولة قائمة على أرض الواقع، لها شعب ومؤسسات أمنية وديمقراطية وعسكرية وليست مجموعة فايسبوكية تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي، بغض النظر عن الطريقة الإرهابية التي بموجبها تحولت إلى هذا الواقع الأليم.

حينما نمارس السياسة في الغرف المكيفة والأسرة المؤثثة، ومن وراء الأبواب الموصدة وخلف الشاشات المسطحة، نكون أقرب إلى المثالية الفارغة التي جلبت لنا ملامح الخزي والعار، وأغرقتنا في مستنقع الذل والهوان، ولو أن الفلسطينيين لم يتأخروا بضعة عقود في فتح حوار مباشر مع إسرائيل مثلما نصحهم بذلك الحسن الثاني يومها، لفاز الفلسطينيون بنصف فلسطين وهم اليوم يفاوضون على النصف الآخر؛ لكن الشعور الجمعي للشعوب العربية المتمسكة بوهم المجد المزعوم وهم يطالعون قصة "وا معتصماه"، والتي تحولت اليوم إلى اجترار أسطوانة "التطبيع" دون فهم المعنى وإدراك المبنى ستجعلنا بعد سنوات قليلة نفاوض على عُشر عُشر فلسطين.

يمكنني أن أخلص في نهاية المقال إلى أن قضية الصحراء المغربية وقضية فلسطين ليستا إلا روحا واحدة في جسدين، وقضية واحدة بشكلين مختلفين وتحت مسميين مغايرين، وأن الأجر عند الله تعالى في الدفاع عن الصحراء لا يقل عن أجر المدافع عن أرض فلسطين، وأن المستشهد في سبيلها شهيد لا يقل درجة عن شهداء فلسطين، وأن من يدَّعي بأن المغرب باع فلسطين من أجل صحرائه في الحقيقة يريد بيع صحرائنا مقابل فلسطين.


عدد التعليقات (14 تعليق)

1

متتبع

نور الدين

لك العز والمجد على ما سطرته الذل والخزي والعار لاعداء وحدتنا الترابية .

2020/12/22 - 11:28
2

سعيد

برافو

كلام منطقي وواقعي . يجب أن تكون قضيتنا الوطنية هي الأولى في الترتيب .

2020/12/22 - 11:29
3

زهير

صحيح

أول مقال اقرأه يتحدث بواقعية و موضوعية في مسألة التطبيع

2020/12/22 - 11:31
4

ابو فاطمة

فعلا صدقت

والله صدق الكاتب وتحليله للاوضاع جد منطقي وبحجج دامغة وكل ذكر حقيقة وواقعا

2020/12/22 - 11:37
5

طه

مغربي حر

والله إنه لتعليق روعة لمعلق رائع

2020/12/22 - 12:40
6

رشيد

المغرب اولا

نحن مع عودة العلاقات مع اسراءيل الخير معها والشر مع الجزاءر اما بالنسبة لفلسطين فالمقاومة لها حدود.يجب عليهم التنازل لان اسراءيل دولة قوية في جميع المجالات.عاش الملك و مصلحة المغرب فوق كل اعتبار.

2020/12/22 - 12:48
7

الشرقي

نعم

إنها الحقيقة الصحراء مغربية ولا يمكن لأحد أن ينكر هذا اما التطبيع مع إسرائيل هو مفخرة المغرب ومن اطلع على ملف الصحراء فعليه أن يعرف بأنى إسرائيل لم تبخل على المغرب بمعدتها ولا بافكارها الحربية مند التمانينات ولهذا أقول الجنرالات الجزائر انتضرو القادم سيكون عليكم اسوء

2020/12/22 - 12:54
8

عابر

برافو

اول مرة اعجب لتحليل عكسه لا يصح الا عند متبنوا افكار عبد الناصر اللدي هزمه اليهود و عند الجزائر

2020/12/22 - 01:13
9

Omar

صحراوي حر

نفس الأسطوانة لنظام فاشل همه الوحيد تقسيم المغرب ,45 سنة وهو يبدر في تروات الشعب من أجل منظمة إنفصالية .الدول الأوروبية تطاحنا فيما بينها في حربين ونست الماضي وأصبحت دولة واحدة .انتم السبب في دخول أمريكا وغيرها .جعلتم المنطقة هدف للأطماع الخارجية .لعنة الله عليكم جيران السوء

2020/12/22 - 01:16
10

بوطيب

الحقيقة

اهنئك اخي نور الدين على هدا المقال الراءع.للدفاع عن صحراءناالغاليةوفلسطين الحبيبةبا اسلوب جميل مقنع .شكرا لك مرة اخرى و ل أخبارنا التي نتابع باهتمام جميع ما تنشره.

2020/12/22 - 01:26
11

جلال

تازة متل غزة وغزة متل تازة

العز والنصر الاخ نور الدين مقالة العبقرية قلت فيها ما يوجد في داخلي في قلبي ماعندي ما اقول وراءها نطقت بي اسمي القضية الصحراء المغربية القضية العاظلة القضية فلسطين العادلة المغاربة يدافغ قضتين معا تازة متل غزة لا يوحد الفرق بينهما عند المغاربة

2020/12/22 - 04:08
12

شمس الدين

احبك يا وطني

مصلحة الوطن هي الاولى والاهم الصحراء مغربية رغما على أنفهم احبك يا وطني الله الوطن الملك

2020/12/22 - 06:59
13

مهاجر بألمانيا

تبون خرج ولم يعد

السلام عليكم ورحمة اللّٰه العميل تبون فهو هارب من نظام الظلم والقهر، فالايام بيننا تبون ليس بمريض فهر فر من القتلة. تحياتي من المانيا

2020/12/22 - 07:36
14

أبو عمار

الحق

إنا لدينا جالية كبيرة من اليهود المواطنين المغاربة الأوفياء لوطنهم في إسراءيل المدافعين عنه من كيد الاشقاء المسلمين الجيران فلا أرى معنى لكلمة التطبيع هم أنفع لنا من هوءلاء المسلمين وأحسن ٠،شخصيا ومعي غالبية المغاربة نتانياهو أقل سوءا من شنقريحة أو تبون

2020/12/22 - 07:51
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة