مدوَّنة السِّيرْ دْهَنْ السِّيرْ اُسِيرْ

مدوَّنة السِّيرْ دْهَنْ السِّيرْ اُسِيرْ

 

 

بقلم: الحسين ساشا

رغم مرور أكثر من سنة على تطبيق مدونة السير الجديدة بالمغرب، إلا أنها لحد الآن ما زالت لم تحقق الهدف المراد منها نتيجة العقليات المنفذة للقوانين بالمغرب عموماً، لكونها عقليات قديمة وما تزال مبرمجة على العهد القديم عهد الرشوة والمحسوبية والفساد ودْهَنْ السِّيرْ اُسِيرْ.. وهذا نموذج من حي سيدي مومن بالعاصمة الاقتصادية المغربية. بحيث يفترض إنشاء مدونة المراقبة قبل تعديل مدونة السير حتى تتمكن الوزارة المعنية من تحقيق الأهداف المطلوبة من التحديث الجديد. هذا إن كان المراد هو السير بالبلد نحو الإصلاح الحقيقـي وليس فقط من أجل السير في الطرق..

 إذ على سبيل المثال أن الطبيب حينما يقْدِم على إجراء عملية لمريضه، يقوم قبل كل شيء بتنظيف وتعقيم أدوات الجراحة من الجراثيم لكي تتم العملية بنجاح فذلك ما كان يجب على الدولة فعلة قبل تعديل مدونة السيـر.. أو بمعنى آخر إذا أردت أن تسقط شجرة ما عرقلت طريقك فإنه من الغباء أن تبدأ بشذب الأغصان ثم قص الجذوع وفي الأخير تبدأ بقطعها من الجذور.. فالعاقل هو الذي يقوم بقطع الشجرة مباشرة من جذورها وعندما تسقط، طبعا ستسقط معها أوراقها وغصونها وجذوعها دون أن يستنزف جهده في عدة عمليات؛ اللهم إلا إذا لم يكن قادراً على قطع الشجرة السميكة فيوهمنا بشذب أغصانـها على أنه عازم وقادر على قطعهـا..

لذا فعلى الحكومة الجديدة إعادة النظر في هذا الجانب بكل حزم وعزم لمحاربة الفيروس الذي كان وما زال ينخر جسم الإدارة المغربية منذ عقود ويساهم بشكل مباشر وغير مباشر في تغذية مختلف التجاوزات، وهذا لا ينحصر في مجال السير فحسب بل في كل المجالات الأخرى التي لها علاقة مباشرة وغير مباشرة مع المواطنين. وبدون ذلك لن تتوصل إلى النتائج المرجوة بكل تأكيــد.

أما اللجوء لأسلوب الرفع من قيمة الغرامة المالية على المخالفات التي عمدت إليه الوزارة المعنية قبل ضبط وتنظيف أجهزة المراقبة لن يؤدي وحده إلى الهدف المقصود كما تتوهم طالما أن هناك سعر ثاني أقل تكلفة في عـين المكان لخارقي القانون، والذي ارتفعت قيمتـه هو الآخر مع ارتفاع من قيمة مخالفات قانون السير الذي هو (الرشوة). هذه الأخيرة التي أصبحت هي شعار الإدارة العمومية بالمغرب، فتلغي وتبطل مفعول الأجهزة التطبيقية للقانون كما في هذا النموذج.

ونتيجة ذلك أصبحت هذه العلامات المنظمة للسير كما نرى عبارة عن زينة للشوارع ليس إلا. علما أن دوريات الأمن تتجول في هذه الشوارع طولا وعرضا وتمر على مثل هذه الحالات بالنظارات السوداء، بحثا عن فرائس عابرة مثل موزعي المواد الغذائية والخبز وقنينات الغاز على الدكاكين، بغرض ابتزازهم بحجة ارتكاب مخالفة الوقوف في وضعية غير قانونية لحلب جيوبهم - هذا 20 درهما والآخر 30 وهكذا.. أما أرباب هذه الشاحنات فقد أصبحوا ضمن الزبناء ولا خوفا عليهـم ولا هم يحزنون.

 بل والأسوأ من هذا هو أنه عندما اشتكى مدير هذه المدرسة المطوقة بهذه الشاحنات عند رجال الشرطة الذين عوض أن يقوموا بواجبهم لاتخاذ الإجراءات القانونية في هذا الشأن، وشوا به إلى سائقي هذه الشاحنات فقالوا لهـم: " حْـنا ما عْـلينا والـُو.. مدير المدرسة هو لِشْكَى بِكُـمْ ".

 ولم يتوان أحد سائقي هذه الشاحنات في الهجوم على المدير بعد اقتحامه حرمة المدرسة ليحدث إثرها شجار فيما بينهما بسبب هذه الوشاية التي تعيدنا إلى الوراء ونقول: رحم الله زمنا ودَّعناه كانت السلطة لها هيبة،، وكان المواطن آنذاك هو عيون السلطة واليوم أصبحت السلطة هي عيون المواطن كما حصل في هذا الحدث العجيب الذي يذكرنا بمقولة: كما كنتـم يولىَّ عليكـم.

عدد التعليقات (2 تعليق)

1

اغربي

وماذا فعل وترك غلاب يحمد او يشكر عليه غير الماساة تلوى الاخرى والرشوة من هذا الباب حلال على المواطن ان يدفعها هل ستؤدي خمسون او مئاة درهم رشوة او سبعة مئة درهم غرامة وكيف يمكن للعامل الذي يتقاضى راتبا شهريا ب 1500 او 2000 او3000 يكتري الدار بالف جرهم وفاتورة الضوء والماء وانتم تعرفون ما يجري في هذا القطاع القطيع واب لثلاث او اربعة ابناء زائد المراة و الدواء واللباس والمعيشة بالله عليكم من اين اتانا سيدنا غلاب بهذه المصيبة هل الموت بحادثة سير او الموت البطيئ الذي تسببه هذه المدونة انا افضل اعطاء الرشوة لرجال لبلاد على دفع الغرامة لانك مجبر ان تعطيها فخمسون درهم ليست بسبع مئاة درهم صراحة ان دفعتها ساضطر لترك ابنائي جياع وهذا هو الواقع

2012/01/06 - 01:59
2

مغربي غيور رغم كل شئ

غريب أمر مغربنا الحبيب ، كل من ساهم في الرجوع به الى الخلف يكافأ ويترقىـ وما مثال وزير التجهيز والنقل الأستقلالي غلاب الذي لم يجد من حل لمحاربة كوارث حوادث السير سوى معاقبة المغاربة بضرب جيوبهم دون وجه ، فمثال هذا الوزير الذي وجد من المغاربة من يصوت لصالحاللائحة التي كان يتقدمها ثم وجد من يدفعه نحو رئاسة البرلمان، مثله لن يستحق إلا مقت واحتقار المغاربة أجمعين

2012/01/07 - 03:27
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة