فيروس الإرهاب يحتضنه الغرب بإسم فيروس الإسلام

فيروس الإرهاب يحتضنه الغرب  بإسم فيروس الإسلام

عبد اللطيف مجدوب

 

المشهد العام

 

منذ ضربة 11/9 ، وتداعياتها على محيط السياسة الدولية ، بدء بمنطقة الشرق الأوسط وتوالي الأحداث التراجيدية في مناطق عديدة من العالم ، هيمنت بصمات الإرهاب على الفكر السياسي المعاصر ، وأصبحت تحتل مساحة كبيرة من اهتمامه كدلالة واضحة على درجة القلق الذي امتد إلى عمق القرارات السياسية والعسكرية ، ومن ثم انعكاسه ؛ في نهاية المطاف ؛ على الآليات العسكرية في محاولة لتطويق انتشار فيروس الإرهاب ، والحؤول دون وصوله إلى السلاح النووي ؛ الذي يراه وبالا على البشرية جمعاء ، بحكم أن هذا "الفيروس" ؛ حتى الآن ؛ ليس له هوية بعينها أو ضوابط ينطلق منها في إصابته لأهدافه .

 

تطور فيروس الإرهاب

 

في البدء كان صغيرا منتشرا بين الأفراد ، ثم ما لبث أن قوي عوده لينتقل إلى العصابات فالجماعات وأخيرا التنظيمات لتحتضنه حاليا بعض الدول كأداة لقمع شعوبها وثنيها عن اختياراتها . اصطبغ بسياساتها وأصبح يعرف حاليا بالإرهاب الدولي والعابر للقارات ؛ وما تنظيمات القاعدة وداعش وبوكو حرام وجند الله ... والشبيحة والبلطجية إلا عينات مما يطفو على السطح .

 

وقد كان دوما تجار الأسلحة أو " الرأسمالية العسكرية "Military Capitalism خلف استنبات بؤر التوتر في العالم ، وتناسل الجماعات المقاتلة كفيروسات صغيرة متصلة بالكيانات السياسية ، بغرض استنزاف طاقاتها ، وبالتالي مضاعفة إقبالها على طلب اقتناء الأسلحة بكل أنواعها ، والتي شهدت ؛ في العقود الأخيرة ؛ ازدهارا وتطورا تكنولوجيا مذهلا ، قد يعفي ـ اليوم أو غدا ـ جنود المشاة ، أو ربابنة الطائرات المقاتلة .. ما دام هناك تقنية خوض الحروب بالأزرار دون إنزال العامل البشري إلى الميدان . ولما كانت التقنية العسكرية Military Technology بهذا المستوى من الفعالية والدقة في إلحاق الدمار بنقطة جغرافية معينة ، من جهة والسرعة التي تخضع لها أجيالها من جهة ثانية ، لم يعد مجديا استعمال سلاح بأقدمية عشر سنوات ، بل أصبح تجديد ترسانته على رأس كل خمس سنوات من الأولويات التي فرضتها التقنية العسكرية .

 

لو سقط السلاح النووي بأيدي هؤلاء المتناحرين ؟!

 

لشد ما يقلق إنسان الألفية الثالثة أن يسقط السلاح النووي بيد إرهابية فيغدو مصير الإنسان في كف عفريت !

 

فالعديد من الحكومات تتلكأ في إيجاد مخرج للصراعات الدموية الجارية بالشرق الأوسط ومناطق جغرافية أخرى .. ولسان حالها يقول : " أنظروا إلى هؤلاء ! لو تمكنوا من الحصول على السلاح النووي ماذا كانوا فاعلين ؟!" ... فقد أخذت قناعة تترسخ لدى الغرب عموما بأن الجنس العربي أضحى يشكل تهديدا للجوار والسلم العالميين . وهناك دول عربية وإسلامية مصنفة ضمن الدول

 

" المارقة " ؛ حسب زعمها ؛ يجب أن يخضع تسليحها لمراقبة مشددة خشية إحكام قبضتها على مصدر سلاح نووي ، فتديره لمحق آثار الحياة على الأرض . وفي هذا السياق ما زالت أمريكا ، ومن ورائها إسرائيل والدول الغربية عموما ، ترى في الاتفاقية النووية مع إيران السبيل الأمثل ؛ حتى الآن ؛ لكبح جماح طموحها وإلجامها على الإقدام يوما على صنع السلاح النووي . ولعل مساعي إسرائيل ؛ في هذا الاتجاه ؛ غني عن التعريف ، وترى أن أمنها لا يستتب أمره إلا بضرب المفاعلات النووية الإيرانية ، ومحو كل نشاطه وبالتالي تعطيل قدرتها العسكرية ، لها ولأحد أجنحتها "حزب الله" اللبناني .

 

إسرائيل وإنتاجها لفيروس الإرهاب

 

غني عن التوضيح أن علاقة إسرائيل بداعش سمن على عسل ، فمنذ اندلاع نيران النزاعات المسلحة بين هذه التنظيمات والجماعات الإسلامية المتطرفة ، حرصت إسرائيل على فتح مستشفياتها أمام الجرحى في صفوف داعش ، كما تقوم ؛ في آن واحد ؛ بتسليحه مقابل تنفيذ إملاءاتها على الميدان .. وهكذا وفي ظرف وجيز امتد نفوذ هذا التنظيم ، وتناسلت خلاياه وتوغل في كل من

 

إفريقيا وأوروبا وآسيا .. وأصبح يشكل فعلا كابوسا للحكومات الحالية وفي مختلف أنحاء العالم ، وبمثابة الرعد الخاطف الذي يقصف بقوة وعلى حين غفلة عدة مناطق ، وبوسائل مغلفة بشعارات ورموز مستقاة من الإسلام كالأحزمة الناسفة والأشخاص المتفجرين أو السيارات الملغمة ...

 

فيروسات من جيل جنون البقر وأنفلونزا الطيور ... إلى الإرهاب !

 

أكدت الملاحظة الأمبريقية أن المضادات الحيوية والأمصال المكافحة لهذه الأوبئة ، تكلف الدول والحكومات ملايين المليارات من الدولارات لتحصين أنسجتها الصحية ، وتفتح سوقا منعشة للتجارة في هذه الأمصال والأدوية . ولعل إسرائيل ومن خلفها الماسونية العالمية تنالها حصة الأسد من مداخيل هذه التجارة ، سواء تعلق الأمر بفيروس جنون البقر .. أو الإرهاب الذي ترعاه في خفاء ، ليشكل ضغطا على هذه الدولة أو تلك لمضاعفة مقتنياتها من الأسلحة وبالمواصفات المرغوب فيها .

 

تساؤل بليد !

 

منذ زهاء أكثر من أربع سنوات ، والتحالف الدولي ؛ بأساطيله الجوية والبحرية ، إلى جانب قوات إقليمية أخرى في العراق وسوريا ؛ تقاتل تنظيم داعش . وحتى الآن ما زال هذا الكيان الإرهابي يمرح ويتمدد نفوذه إلى خارج رقعة الشرق الأوسط . فهل هذا التحالف الدولي يستعمل ؛ في مقاومته لهذا التنظيم ؛ أسلحة خشبية ؟!

 

ويخفي هذا التساؤل ضمنيا أن هذا التنظيم أو بالأحرى فيروس الإرهاب يتلقى الدعم الخفي ؛ وبأشكال متعددة ؛ بما غيه العسكري الاستراتيجي من جهات بسلسلة من الوسائط المعقدة ، حرصا على بقاء هذا الفيروس حيا يتمدد أشبه بالزئبق ، وبالتالي إدراجه ضمن حسابات الحكومات الحالية ؛ والتي باتت تخشى على مصالحها أكثر من أي وقت مضى .

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات