البراءة بين أنياب الاغتصاب والتعذيب والقتل
مصطفى طه
خلال السنوات الأخيرة، خرجت تقارير وإحصائيات دولية عديدة تتحدث عن الاعتداءات الجنسية التي تطال الأطفال المغاربة، حيث أن 60 إلى 70 طفل يتعرضون بشكل يومي لهذه الاعتداءات، من طرف الأقارب، والجيران، والغرباء، والمربين، والأجانب.
هذه التقارير، صنفت المغرب بأنه فضاءا رحب للبيدوفيليين، أما منظمة حماية الطفولة الدولية أفادت بأن المغرب، مناخ مهم للسياحة الجنسية والبيدوفيليا، ووجهة مفضلة لهؤلاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
أعدت جامعة جونز هوبكنز سنة 2007، دراسة توضح أن المغرب بات على رأس الدول المستقبلة للسياحة الجنسية، وذلك راجع لعدة أسباب نخص منها، ارتفاع عدد السياح الوافدين على المغرب، ما أدى إلى وقوع جرائم البيدوفيليا، واستغلال الأطفال الأبرياء جنسيا ترتفع بالمغرب بشكل كبير.
السبب الثاني الجانب القانوني، الذي يساهم في إفلات وتملص البيدوفيليين من المتابعة القضائية، حيث أن المغرب يعتبر من الدول العربية التي لم تحين بعد العقوبات القانونية في حق مستغلي الأطفال جنسيا، مما جعل هذه الظاهرة المرفوضة إنسانيا وأخلاقيا، تعرف انتشار واسع في مجتمعنا.
المؤسسات الوطنية والدولية المهتمة بحقوق الطفولة، دعت المسؤولين المعنيين إلى مراقبة وضع الأطفال المستغلين جنسيا للحد ومحاربة هذه الآفة الخطيرة، والضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه الاعتداء واستغلال واغتصاب براءة الأطفال، من أجل تعزيز حماية حقوقهم هذا من جهة.
من جهة ثانية، نددت فعاليات المجتمع المدني الوطنية، وطالبت الجهات المسؤولة الانتباه جيدا للمدن السياحية، كمراكش وأكادير وفاس والصويرة والدار البيضاء وطنجة، وكذلك المدن التي تعاني الإقصاء والتهميش والفقر كمدينة الفقيه بن صالح وتارودانت التي يتعرض أطفالها بشكل يومي إلى الاعتداءات الجنسية، إما من طرف مواطنين مغاربة، أو من قبل الأجانب، أو من الأطر التعليمية والتربوية.
إن ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال، منتشرة بشكل كبير وواسع ومتواصل في المغرب، فهناك العديد من الأسباب وراء انتشار تلك الظواهر الاجرامية، أهمها غياب القيم، ودور الأسرة والمدرسة، والأوضاع الاقتصادية السيئة، والمخدرات، التي أصبحت منتشرة بشكل كبير في المجتمع المغربي، بالإضافة إلى غياب الردع من قبل القضاء الذي يساهم أيضا في زيادة تلك العمليات.
هذا التساهل، يشجع المجرمين وبالملموس، على الاستمرار في الاعتداء جنسيا على الأطفال الأبرياء، ومن خلال دراسة حديثة، حصل المغرب على ترتيب سيئ، حول هذه الاعتداءات، إذ احتل الرتبة 34 ضمن 60 دولة عبر العالم، بمعدل عام قدر ب 47.7 بالمائة، هذه النسبة هو مجموع أربع جوانب، قامت الدراسة بتنقيطها، وتتعلق بالبيئة التي حصل فيها المغرب على 57 نقطة، والإطار القانوني الذي حاز فيه على 61 نقطة، فيما حصل في جانب التزام الحكومة على 32 نقطة، أما فيما يتعلق بالمشاركة أو الصناعة والمجتمع المدني والإعلام فحاز على 48 نقطة.
فمدينة طنجة، عاشت في السنة الماضية، على وقع اكتشاف استغلال جمعية إسبانية تدعى "لا طفل بلا سقف"، للأطفال جنسيا، بعد أن قامت مديرة الملجأ بالهروب خارج المغرب، عقب تحويل الأطفال إلى دور رعاية جنسي، هذه النازلة لم تكن الأولى من نوعها، حيث سبقها العديد من الوقائع الإجرامية الجنسية، نخص منها اغتصاب إسباني لطفل، واستدراج فرنسي لآخر، وكان آخرها الفاجعة التي هزت أمس الجمعة جميع المغاربة، والتي تمثلت في استدراج وخطف، الطفل عدنان البالغ من العمر 11 سنة، واغتصابه وقتله بطريقة وحشية.
تفاصيل هذه الجريمة الشنيعة واللاإنسانية، أن الجاني اتفق مع الطفل الضحية، من أجل أن يرافقه في جولة تفقدية قصيرة بشوارع مدينة طنجة، وهوما تم توثيقه بالصورة بكاميرا المراقبة، في إحدى أحياء المدينة سالفة الذكر، التي يسكن بها عدنان، غير أن المجرم كان قد خطط لعملية الاغتصاب، بعد أن ترصد وتقرب أكثر من الضحية منذ أيام، ليكسب بذلك ثقته، بحكم أنه يقطن بالقرب من منزل الطفل المغدور به، وبعد عملية الاستدراج إلى الشقة الدي يكتريها الجاني، بعد إغراءات، قام بتعنيف جسمه الملائكي الصغير، وشل حركتنه، وبدأ في ممارسة نزواته هتكا عرضه، وذلك في حدود الساعة السادسة من مساء يوم الاختفاء، وأمام مقاومة عدنان وللحد من صراخه قام بخنقه، واضعا وسادة على رأسه ليلفظ أنفاسه الأخير، وتنطفأ شمعته الجميلة المضيئة للأبد، هذه الروح الطيبة، المليئة بالحب والأمل تغادرنا، نضال سلام لروحك، يا صغيري الشهيد الجميل.
هذه الجريمة التي ذهب ضحيتها طفل بريء، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لأن القانوني المغربي، يتساهل مع هؤلاء المجرمين، حيث يعاقب على اغتصاب الأطفال، بالسجن من عام إلى خمسة أعوام، وقد يصل في الحالات المشددة إلى 20 عاما، لدى اقترانه بالعنف والتهديد.