مذكرات تاريخية
المختار شعيب
شكل حضوري لندوتين بارزتين لصحفي والإعلامي الكبير في فضائيين مختلفين التعرف على جوانب مهمة من حدث المسيرة الخضراء، عايشها الكاتب والصحفي والإعلامي محمد الصديق معنينو، حيث جمع ذلك في الأجزاء الست من مؤلفاته "أيام زمان"، ولهذا استغل الظرفية لتذكير بحدث المسيرة الخضراء 1975، الذي يصادف 6 من نونبر من كل سنة.
لقد كان السيد محمد الصديق معنينو، ونظرا لتعدد الأحداث التي عرفها المغرب قبل وبعد الاستقلال، ونظرا لضيق وقت المحاضرات ومن باب المزحة أشار إلى مدى قدرته على الحديث مطولا وبأسلوب شيق ومثير، فاختار الحديث عن حدث المسيرة الخضراء 1975 التي صنعت مغربا جديدا وقويا له وزنه، ضمن دول العالم، ومنحته قدرة مواجهة خصومه.
عقب استقلال المغرب سنة 1956 من الاستعمار الفرنسي عمل المغرب في عهد الملك الراحل محمد بن يوسف (محمد الخامس)، على استرجاع المناطق الشمالية من اسبانيا، وهذا ما عمل به الملك الراحل محمد الخامس بعد سفره إلى اسبانيا لطرح مشكل الصحراء، فصدر بلاغ في تأكيد من اسبانيا على احترام الحدود الرئيسية للمغرب، لكن تطور الأمر فعرض الأمر على الأمم المتحدة فتم استرجاع طرفاية سنة 1956 وبعدها سيدي ايفني سنة 1969، وفي مستهل حديثه (محمد الصديق معنينو)، تحدث عن مخطط اسبانيا لجعل مدينة ايفني منطقة تابعة لها، حيث برز اهتمامها ببناء مسبح أولمبي وملعب معشوشب خلال ثلاثينيات القرن الماضي.
كما عملت اسبانيا سنة 1973 على ارسال طلب اجراء استفتاء بالمنطقة، لربط الصحراء بإسبانيا، إذ كونت جماعة من القبائل التابعة لها وضمن العائلة القوية لتشكيل برلمان تحت سلطة سعيد الجماني، وحزب القوات الشعبية الصحراوية تحت رئاسة خليهن ولد الرشيد، فهي أعدت كل شيء لربح معركة الاستفتاء، كما أن منظمة الأمم المتحدة لها دائما تصور ذهني حسب محمد الصديق معنينو، في أن الدول التي وقع فيها استفتاء خلصت الى الاستقلال.
وفي ظل ما سبق كان المغرب قد عرف حدثين مهمين وقويين حدث 1972 محاولة انقلاب التي تعرض لها الملك الراحل الحسن الثاني وتعرض الطائرة الملكية للقصف سنة 1973، ومن حسن الحظ باءتا بالفشل، واستحضر محمد الصديق معنينو تواجده في هذين الحدثين، ليعايش تفاصيل ذلك.
وفي معرض حديثه أشار إلى مقارنته بين الجيشين المغربي ونظيره الإسباني في هذه الفترة، على مستوى العدد الكبير للجيش الإسباني والطائرات التي وصل عددها 250 مقارنة بالجيش المغربي القليل العدد، وتوفره على ما بين 15و 20 طائرة، كما أن الجزائر حشدت ما يقارب 15000 جندي مع الحدود المغربية، وانضاف إلى ذلك معمر القذافي رئيس ليبيا السابق الذي أعطى أموالا ضد مصالح المغرب.
إن المغرب كان يعيش وضعا داخليا متأزما، كثرة المعارضين بالمغرب، قضية تازمامارت، وأزمة اقتصادية أرخت بظلالها على الجانب الاجتماعي، كما أن الملك الراحل الحسن الثاني لم يكن يريد أن تسجل عليه فقدان جزء من أراضيه في عهده، واعتبرها على حسب قول الدكتور محمد الصديق معنينو معركة الوجود.
وقد جاءت المسيرة الخضراء لتضع حدا فاصلا مع منطق الحرب وأسلوب المغامرة. وحرصا من جلالة المغفور له الحسن الثاني على تجنيب المنطقة حربا مدمرة اتخذ قراره الحكيم القاضي بتنظيم مسيرة خضراء والداعي إلى نبذ العنف واللجوء إلى الحوار لتسوية النزاعات.
وقد بلغ عدد المغاربة الذين شاركوا في المسيرة الخضراء 350000 مواطن من بينهم 10 في المائة من النساء، من جميع مناطق المغرب، ويشير الكاتب والإعلامي محمد الصديق معنينو أن هذا العدد هو بكورة عدد المواليد المغاربة في كل سنة، فالراحل الحسن الثاني أراد التضحية بهذا العدد لاسترجاع الصحراء المغربية.
نجح المغرب في كسب معركة الوجود واسترجاع صحرائه، بفضل حنكة الراحل الحسن الثاني، ووطنية شعب أتبث ولائه وتشبته بأرضه.
لقد كان حدث المسيرة الخضراء حدثا استثنائيا في المحطات التاريخية للمغرب، في توفير وسائل النقل والشرب والأكل والخيام واللوجستيك، لقد أكد محمد الصديق معنينو أن المغاربة اليوم مطالبين بعدم نسيان هذا الحدث والتعريف به للأجيال الحالية والقادمة.