ماذا يفعل شباط داخل بيت الحكومة؟

ماذا يفعل شباط داخل بيت الحكومة؟

علي أنوزلا

 

 

السؤال بات يطرح نفسه بإلحاح. لماذا يستمر حزب "الاستقلال" داخل الحكومة؟ فمنذ انتخاب حميد شباط على رأس حزب الاستقلال وهو يهدد بنسف الحكومة من الداخل. مرة يطالب بتعديل حكومي، ومرة ينتقد أداء الحكومة، وأحيانا يحمل على الحزب الذي يقود الحكومة والأغلبية، يعارضه داخل البرلمان ويهاجمه في الإعلام.

مثل هذا التصرف في "السياسة" إذا اعتبرنا أن ما يصدر عن هذا الحزب يمكن أن يصنف عملا سياسيا، لا يوجد في الأدبيات السياسية إلا في دولة مثل إسرائيل حيث الحسابات الشخصية هي التي تحرك الساسة عندما يتعلق الأمر برهانات سياسوية حزبية. حيث نجد زعماء الأحزاب السياسية يتعاركون داخل نفس الأغلبيات الحكومية ويتنابزون بالألقاب ويحيكون المؤامرات لبعضهم داخل نفس الأغلبية الحكومية.

فما يقوم به رجل مثل شباط وحزبه داخل الأغلبية الحكومية الحالية يتناقض مع "ميثاق الأغلبية" الذي وقعته الأحزاب المشاركة في الحكومة، ويتعارض مع مبدأ التضامن الحكومي الذي على أساسه تتكون الأغلبيات في الدول الديمقراطية، ويتنافى مع الأخلاق السياسية التي تفترض الوضوح والشجاعة في اتخاذ الموقف واختيار الموقع. فشباط وحزبه يستطيبان حلاوة المشاركة في الحكومة ويسعيان إلى "شرف" "المعارضة"، إذا ما اعتبرنا أن ما يقومان به معارضة!

ما هو البرنامج المجتمعي "العظيم" الذي يحمله شباط وحزبه ويعدنا بتطبيقه؟ إن كل ما يزايد به اليوم شباط على حليفه في الحكومة هو تنفيذ تطبيق اتفاق 20 يوليو مع الأطر العليا المعطلة، وهو اتفاق، للتذكير، وقعه الأمين العام السابق للحزب عباس الفاسي بضغط من الشارع وفي لحظة هلع من غضب هذا الشارع أثناء فترة الحراك التي عاشها المغرب بتأثير من رياح الربيع العربي. ونكاد ننسى أن الحزب الذي يتبنى اليوم مطلب جزء من المعطلين هو نفس الحزب صاحب فضيحة "النجاة" التي نصبت على أكثر من 30 ألف عاطل عن العمل وشردت عائلاتهم. وان "زعيم" هذا الحزب هو نفسه الذي جاء ببلطجيته من مدينة فاس للهجوم ليلا على المعطلين المعتصمين بمقر الحزب عندما كان يرأس الحكومة. كما أن الحزب الذي يزايد اليوم على رآسة الحكومة التي ينتمى إليها، هو نفس الحزب الذي تصرف أعضائه، قبل أيام، مثل بلطجية في مدينة إمينتانوت في مواجهة مطالب معطلي المدينة.

لم يحمل حزب "الاستقلال" في أي يوم من الأيام مشروعا مجتمعيا حقيقيا دافع عنه وتبناه. بل إن هذا الحزب هو المسؤول عن إفساد التعليم الذي تحول إلى ماكينة لإنتاج أشباه المتعلمين وجيش العاطلين. وهذا الحزب له مواقف عنصرية لأحد مكونات المجتمع الأساسية ألا وهي الأمازيغية. وهذا الحزب مسؤول عن التدبير السئ لملف الصحراء في منظمة الدول الإفريقية عندما كان أمينه العام الأسبق محمد بوستة، وزيرا للخارجية بداية ثمانينات القرن الماضي، وكان يتعامل مع الدول الإفريقية بغطرسة وتعال أدى إلى فقدان المغرب لمقعده بالمنتظم الإفريقي، فقد أكدت الأيام أن سياسة الكرسي الفارغة تلك لم تكن سوى هروبا إلى الأمام استمر أكثر من ثلاثة عقود، ومازالت الديبلوماسية المغربية تدفع ثمن غضبة رئيسها آنذاك.

نفس الحزب شارك تقريبا في كل الحكومات التي عرفها المغرب منذ ما سمي بـ "الاستقلال"، لقد كان عضوا في حكومات كانت مسؤولة عن سنوات التوزيع غير العادل للأراضي "المسترجعة"، وظل يجلس في حكومات مسؤولة عن سنوات الرصاص وعن سنوات تفقير الشعب، وعن سنوات تحقير المغاربة. وعندما كان هذا الحزب لا يدعى إلى الحكومة يقف عند طرف خيمتها، يرفع عقيرته إلى أن يرمي له سيده بعظم يلهيه فيغدو تابعاً ذليلا..

كل مشروع شباط اليوم هو تعديل الحكومة، ليس لأن الحزب يمتلك تصورا للخروج بالمغرب من الأزمة التي تضرب عمقه المنسي، وإنما من أجل "استوزار" أتباع شباط وإرضاء تنطعات بلطجيته وشبيحته بعد أن حول الحزب إلى عصابة منظمة يهدد بها لفرض أمره ولتصفية حساباته الشخصية مع خصومه داخل الحزب والحكومة بما فيهم وزراء في حزبه!

حزب "الإستقلال" لا يستطيع أن يعيش خارج الحكومة، مثل طفل كبير يرفض الفطام، وعندما يبعد عن ضرع الحكومة يصاب بالتوتر وتنتابه نوبة بكاء يتحول إلى عويل، وهو ما يزعج به مسامعنا اليوم.

فما يقوم به اليوم شباط من مزايدات على رئيس الحكومة هو نفس الأسلوب المقيت الذي اتبعه سلفه عباس الفاسي مع حكومة عبد الرحمن اليوسفي في بداية عهدها. فطيلة سنتين ظل عباس الفاسي يهرش جلد حكومة اليوسفي حتى مدت له ضرعها فاستطاب لبنها وأتى ما أتاه من فضائح في عهدها وعلى رأسها فضيحة "النجاة".

شباط لن يختلف عن عباس الفاسي، كلاهما صنيعة الأجهزة المعلومة تحركه أياديها الخفية مثل "أراجوز" في لعبة "خيال الظل" يستعمل للتهريج الشعبي، وكلاهما مشروعه لا يتجاوز طموحه الشخصي، وكلاهما جنى وسيجنى على هذه البلاد.

إذا كان شباط وحزبه غير راضين عن أداء هذه الحكومة، فليمتلكا الشجاعة والقرار المستقل للخروج منها، وهما يدركان أنهما لا يمتلكان لا قرار المشاركة ولا قرار "المعارضة". فما يقوم به اليوم شباط هو جزء من "الصفقة" التي بموجبها أوتي به إلى رآسة حزبه حتى يكون شوكة في خصر الحكومة التي يقودها "العدالة والتنمية". فكلاهما جزء من لعبة كبيرة المستفيد الوحيد منها هو القصر والخاسر الكبير فيها هو الشعب.

عدد التعليقات (3 تعليق)

1

محمد مهم

تحيليل منطقي

اصبت عين الحقيقة يا أستاذ علي،وتحليلك في موضعه .شباط فتحت له شهية المقاعد ويريد تنزيل مساميره داخل الحكومة .وأحدر من مجاراته في ذلك .

2013/01/05 - 10:36
2

swipress.com

kh

تحليل واستنتاج منطقي ...شباط نقابي لم يتعود على لغة خذ وانما تعود على لغة...ارا ...وزيد ارا....طبيعي مطالبه لا تنتهي ولن تنتهي ومع الجميع ...المشكل هو انه سقط مع بنطيران ...رجل يؤمن بالغيب ويعتبر الرازق هو الله والعبد ما عندو ما يعطي؟؟؟؟

2013/01/06 - 04:29
3

خالد

اين شعب

تحليل منطقي وكلات في محلها لكن سؤال ادا كان شباط وحزبه يريد توزير لي صالح اتبعه فا الكلمة لي شعب ان يخرج ويندد بي هدا شعابوي الدي على تقافة سياسية عنده ولا يعلم شي بي تسير دليل عمدة فاس بي يده ان كان القصر من يحرك هدا البدق فا لالقصر حدود اما ارادت الشعب

2013/01/07 - 02:08
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات