عبد الواحد الدرعيأمام شاشة التلفزيون، كان عبد الإله بنكيران في منزله يتابع أحد البرامج الحوارية، محور النقاش يدور حول اقتصاد الريع ، أحد المتدخلين ظل يردد على مسامع محدثيه، أن الحكومة عاجزة عن كشف كل المستفيدين من الريع ، مباشرة اتصل بنكيران بعزيز الرباح وزير النقل ، هاتف الأخير ظل يرن دون جواب ، في صباح اليوم الموالي، جدد ابن كيران الإتصال بالوزير، وسأله إن كان يتوفر على لائحة «الكريمات»، رد الأخير بالموافقة، فقال له دون تردد « انشرها»، مضيفا « انشرها حتى لو كان فيها إسمي، ماذا سيقع في ملك الله إذا نشرنا هذه اللائحة » .
يومين بعد هذه المكالمة ، وبالضبط ظهيرة الخميس قبل الماضي، كانت اللائحة منشورة بالتمام والكمال على موقع الوزارة، ومنها انتشرت كالنار في الهشيم، ومساء نفس اليوم بدوره بن كيران يتلقى اتصالا هاتفيا من جلالة الملك، و قال بالحرف « تلقيت اتصالا من جلالة الملك، وقدم إلي توجيهات مفادها الالتزام بالدستور نصا وروحا وعدم أخذ مراسلات الديوان الملكي بعين الاعتبار إذا كانت لا تسير في نفس الاتجاه»، وأضاف أنه سيتم الإعلان عن باقي المستفيدين من الرخص الأخرى، وأن الأمر لن يتوقف عند إعلان لائحة المستفيدين من «الكريمات» الخاصة بالحافلات، «نحن لن نتوقف عند هذا الحد، فيجب أن نعرف من يستفيد ومن ما يستفيد؟ » يقول بنكيران .
إعلان صريح بأن عمر الريع بات قصيرا، والمسألة مسألة وقت فقط، ليتم كشف أسرار ظلت طي الكتمان لسنوات وأحيطت بهالة من نوع خاص، لدرجة أصبح البعض بات يصنفها في خانة أسرار الدولة، كل شئ تغير اليوم ونشر اللائحة أثار زوبعة بين جميع أوساط الرأي العام وحتى الطبقة السياسية، من يستطيع اليوم بعد كل هذا الدعم الملكي القوي أن يدافع عن اقتصاد الريع ؟ وهل لازالت هناك مبررات للتحجج أو التعلل ب «جيوب المقاومة» المصطلح الغامض، لا مجال اليوم للإختباء وراء هذه الكلمات، والكرة الآن بيد الحكومة والوزراء ٠ ليس عيبا الإستفادة من رخصة أو كريمة تضمن العيش الكريم ، لكن العيب أن المستفيدين ليسوا من أصحاب الإستحقاق وليسوا محتاجين أو معوزين ، بل إنهم اثرياء ورجال أعمال وسياسيون وفنانون ورياضيون ، ومن أبناء عائلات المال والأعمال ، الخطير الذي سيتكشفه المغاربة بعد إماطة اللثام عن باقي اللوائح ، إن حدث في القريب من الأيام ، هو أن أسماء المستفيدين ضمن كريمات الحافلات مجرد بداية والشجرة التي تخفي الغابة فقط ، نفس المستفيدين هنا يضمنون مقاعد متقدمة في « كريمات الطاكسيات» ، ورخص مقالع الرمال أو الصيد في أعالي البحار، وربما يستفيدون من أجود الأراضي الزراعية، هذا هو الوجه القبيح والمريع لإقتصاد الريع، أشخاص يمتصون الملايين، دون المساهمة في تطوير إقتصاد البلد أو حتى أداء الضرائب المستحقة للدولة، وجوه بشعة لعملة فاسدة إسمها اقتصاد الريع ، فهل حان الوقت لسقوط هذه القلاع مثل أحجار «الدومينو» ؟
«الكيران» مجرد البداية
قنبلة من العيار الثقيل، فجرتها لائحة رخص النقل الرابط بين المدن، وكانت أولى الأحجار في بركة اقتصاد الريع الراكدة، وأكيد انها لن تكون الأخيرة ، إذ بعدما ظلت طي الكتمان لعشرات السنين ، استطاع وزير النقل أخيرا أن يزيح اللثام عن لائحة المستفيدين ، فيما يلوح بخطوات أخرى مقبلة ، و يتعلق الأمر بـ3681 رخصة منحت لأزيد من 4000 شخص ، خلال فترات مختلفة تمتد من عهد الحماية حتى دجنبر 2011 ٠ المعلومات المتوفرة تشير إلى أن ربع “الكريمات” الممنوحة غير مستغلة، فيما نسبة 70 في المائة من هذه الرخص مستغلة بطريقة غير مباشرة، و83 في المائة من المستفيدين يستغلون ما بين رخصة ورخصتين، ويتبين من الإطلاع على لائحة المستفيدين أنهم ليسوا جميعا من أصحاب الإستحقاق ، فهي تضم سياسيين و عسكريين ورياضيين وفنانين ورجال أعمال وبرلمانيين بعيدين كل البعد عن العوز والفقر ، كما أن العديد من المحظوظين حصلوا على رخص عديدة تربط بين مدن كبرى وفق معايير غامضة ٠
وحسب وزارة النقل والتجهيز، فإن 73 في المائة من المستفيدين أشخاص طبيعيون ، والباقي أي 17 في المائة عبارة عن أشخاص معنويين و شركات متخصصة في النقل، لكنها تستأتر بنصيب الأسد من مأذونيات النقل الرابطة بين المدن بعضها يتجاوز العشرين رخصة ، و بالإضافة إلى تلك هناك أعداد غير محدودة لمنحدرين من عائلات شهيرة وأعيان، وورثة المستفيدين الذين قاموا بتفويت هذه الرخص لشركات خاصة، وبالتالي فإن اللائحة المنشورة ورغم كل ما كشفته من مفاجآت كبرى، لا تعكس المستفيدين الحقيقيين من «الكريمات» ومن اقتصاد الريع ٠ «الطاكسيات» قنبلة أخرى خلال لقاء تواصلي نظمته وزارة النقل بالدار البيضاء قبل أسبوع ، طالب مهنيو سيارات الاجرة عبد العزيز الرباح بضرورة الكشف عن لائحة أصحاب كريمات الطاكسيات، فرد عليهم أن « رسالتهم وصلت إلى السيد رئيس الحكومة الذي بدوره سيحدث وزير الداخلية و الأمور ستسير بالتدريج» ، إذا تحقق هذا الامر فلاشك أنها ستكون قنبلة أخرى، لن تقل عن سابقتها من حيث الصدى، و بعد كشف رخص حافلات المسافرين ، يبدو أن امحند العنصر وزير الداخلية بات في حرج كبير ، بسبب المطالب المتزايدة لرفع الستار عن المستفيدين ٠
والأكيد حسب مصادر مهنية أن كشفها سيؤدي لصدمة كبيرة وسط الرأي العام ، لانه في الوقت الذي قضى بعض المعوزين والمستحقين وقدماء السائقين سنوات في الركض وراء تحصيل رخص تقيهم الحاجة والعوز ، سوف يفاجأون أن من بين المستفيدين أمنيين ورياضيين وفنانين وبرلمانيين وصحافيين ، ليس هذا فحسب بل إن بعض هذه الأسماء هي أيضا ضمن لائحة عزيز الرباح ، سوف نصادف عائلات تتوفر على خمس او ستة كريمات، ويبدو أن وزارة الداخلية بفتحها هذا الملف ستكون مجبرة على فتح ملف أكبر يتعلق بالأبحاث التي تجريها الأجهزة التابعة لها على صعيد العمالات خاصة أقسام الشؤون العامة ، حول استحقاق الحاصلين على الكريمات من عدمه ، إذ كيف يعقل أن المصالح المذكورة تتغافل في تقاريرها كون طالبي الرخص أثرياء ورجال أعمال ومتنفذون أو ذوي وظائف ، ثم ما مصير عشرات الرخص التي يتوصل أصحابها بإشعارات من الديوان الملكي تشير لقبول طلباتهم، لكن «الكريمات» تختفي هكذا في مكاتب العمالات ومصالح الشؤون الإقتصادية ؟ وماذا عن المحسوبية والزبونية وعلاقات القرابة ؟ الجواب تتضمنه لائحة العنصر بدون شك. فتح ملف كريمات الطاكسيات سيحيل على فئة أخرى هي الأكثر تضررا، سائقو سيارات الأجرة الذين يصل عددهم إلى مليون شخص حسب بعض التقديرات ، يتقاسمون الأدوار حول 65 ألف «كريمة» في المغرب ، فيما يصل عددهم في الدار البيضاء لوحدها إلى 17 ألف سيارة، موزعة بين 10 آلاف رخصة خاصة بسيارات الأجرة من الصنف الصغير، و 7 آلاف رخصة للصنف الكبير، وقد تبين فعلا أنهم قوة نقابية حقيقية برهنت على نجاعتها، هم يحسون اليوم نوعا من الغبن في تعاملهم اليومي مع أصحاب الرخص ، و خصوعهم لعقود تكون مجحفة وصفها بعض ب «الإستعباد» ، فهل وزارة الداخلية على استعداد لكشف لوائح رخص النقل داخل المدن ؟
رمال تساوي ملايير مكعبة
لائحة استغلال مقالع الرمال جاهزة، وتنتظر تأشير رئيس الحكومة عليها، تضم وزراء سابقين ورجال سلطة وجنرالات ومنتخبين وقياديين في أحزاب سياسية وأعيان ، أغلب أصحاب هذه الأذونات لا يؤدون الضرائب والواجبات المترتبة عن هذا الاستغلال، والمستحقة في أغلبها للدولة وللجماعات التي توجد على أرضها تلك المقالع، بعض العائلات أصبحت صاحبة اختصاص في المجال، وتتوزع أسمائها العائلية ثلاث أو أربع مرات أو حتى أكثر عند جرد لوائح المقالع، وبن كيران تلقى الضوء الأخضر للمضي قدما في فتح ملفات الريع بكل أشكاله ٠
إحصاءات هيئات مهنية، تشير أن استغلال الرمال يتجاوز في أحيان كثيرة السقف المسموح به قانونا، إذ أنه يفوق في المقالع 11مليون متر مكعب سنويا، في حين أن المسموح به هو 150 ألف متر مكعب فقط ، وهو ما يفوت على ميزانية الدولة 500 مليار سنتيم ، هي مجموع الضرائب والرسوم المترتبة عن استغلال الرمال، في وقت تصل أسعار الرمال إلى 600 أو 700 درهم للمتر مكعب، ويبلغ عدد المقالع المحصاة أزيد من 4380 ، والمتوقفة عن الإستغلال حوالي 1196 مقلعا ، و غالبا ما يتم تسجيل رخص الاستغلال في اسم أحد الأبناء والأقارب، وقد أظهرت عاينة إحدى اللوائح الخاصة ببعض مقالع منطقة الغرب قرب العرائش أنها تتضمن أسماء من قبيل ( باحنيني، بنسليمان، عرشان ) ٠
يومين فقط بعد نشر الرباح للائحة المستفيدين من الكريمات ، نظم جلسة عمل مع المديرين المركزيين والجهويين والإقليميين ، لبحث الوضعية الحالية لقطاع المقالع بمختلف أنواعها والإجراءات الكفيلة بتنظيم وإعادة هيكلة هذا القطاع، بلاغ للوزارة ذكر أنه تم خلال هذا الاجتماع التأكيد على ضرورة تبسيط المساطر المتعلقة بالترخيص بفتح المقالع دعما للاستثمار واستجابة للحاجيات المتزايدة في قطاع البناء، كما تقرر تكثيف المراقبة على مستغلي المقالع للحد من الاستغلال العشوائي وغير المرخص لمقالع الرمال الساحلية والشاطئية والمحافظة على البيئة، كما أن وزارة التجهيز والنقل يضيف البلاغ منكبة حاليا على وضع الصيغة النهائية لمشروع قانون استغلال المقالع بتنسيق مع القطاعات الحكومية المعنية والمهنيين لاستبدال رمال الكثبان الساحلية برمال الجرف وأن الوزارة تدرك حجم الخسائر الناجمة عن نهب الرمال ٠
إحصائيات الوزارة تظهر أن ما هو مصرح به أقل بكثير مما هو مستعمل، و أن 55,5 في المائة من الرمال المستعملة غير مصرح بها، أي أن أزيد من 11 مليون متر مكعب من الرمال لا تستفيد من مداخيلها لا الجماعات المحلية المعنية ولا الجماعات السلالية التي تتوفر على الرمال، ولا الخواص ولا الدولة ، بينما تتعرض آلاف الأمتار المكعبة من الرمال والرخام للإقتلاع يوميا دون أي اكتراث بالاختلالات البيئية ٠
كريمات أعالي البحار
« رخص الصيد ليست طابو، دعني أخبرك بشيء مهم، الأسماء التي تتوفر على رخص الصيد في أعالي البحار كلها معروفة، و الأسماء التي كانت متداولة في وقت سابق من شخصيات في الجيش والسياسة لم يعودوا فاعلين في القطاع، اليوم هناك مستثمرون لهم رؤوس أموال هم من يملكون هذه الرخص ، لا توجد أسماء لا في الجيش ولا في السياسة » الكلام السابق لعزيز اخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري في حوار سابق على موقع الكتروني .
قبل ذلك بسنوات، وتحديدا خلال الدورة البرلمانية فبراير 2009 ، رفض اخنوش الكشف عن أسماء المستفيدين من رخص الصيد، مشيرا إلى أن بعض مالكي رخص الصيد يرفضون الكشف عن أسمائهم، موضحا أن كل أصحاب الرخص هم رجال أعمال، بما فيهم بعض البرلمانيين، ونفى أن تتضمن لائحة المالكين أي شبهات في إشارة إلى تملك جنرالات لرخص صيد في أعالي البحار، لكن مياها كثيرة جرت تحت الجسر ، وبعد كشف كريمات النقل يبدو أن عزيز أخنوش ليس في وضع أفضل من زميله في الحكومة وزير الداخلية، وبات مطالبا بكشف لائحة المستفيدين دون مواربة ٠ رخص أعالي البحار وفق مصادر مهنية في القطاع تشير أن المستفيد منها، هو مجموعة من العائلات المعروفة في الصحراء، بالإضافة إلى رجال السياسة وعناصر من الجيش ووزراء سابقون، حيث أنه قبل السبعينات كان هؤلاء يستفيدون من رخص الصيد الساحلي، لكن بعد ذلك بسنوات أصبح المغرب يتوفر على أسطول متطور ، وبدأ العسكريين والسياسيين والمقربين من مراكز القرار يستفيدون من كريمات الصيد في أعالي البحار، عن طريق رخص دون اعتماد دفتر تحملات أو طلبات عروض واضحة ٠
عموما شكل البحر مصدر ثراء بالنسبة لبعض الضباط السامين، سيما الذين ارتبط اسمائهم بسواحل الصحراء ، حيث استفادوا أيضا من حقوق استغلال الثروة السمكية الوطنية عن طريق الصيد في أعالي البحار، كما استفادوا بطرق أخرى أهمها فرض غرامات وأتاوات على سفن صيد مغربية وأجنبية وتحويل مبالغها إلى حسابات خاصة عوض أن تعرف طريقها إلى الخزينة العامة أو جيوب العاملين في القطاع والبالغ عددهم ما يفوق 400 ألف شخص.
الويسكي والفودكا والشمبانيا
نهاية القرن التاسع عشر دمرت دودة «فيلوكسيرا» مزروعات الكروم الأوروبية بأكملها تقريبا، وهو ما تسبب في كارثة اقتصادية لمنتجي الخمور، خصوصا وأن استهلاك الأوربيين للخمور كان يصل حينها لمعدلات قياسية، وكان الحل هو المستعمرات لزراعة سهول شاسعة بالكروم للاستجابة للطلب الكثيف، والمغرب كان من بين الوجهات المفضلة لذلك أصبح منذ سنة 1950 منتجا كبيرا للكروم ، أغلبها كانت تباع في فرنسا، و اليوم انخفض انتاج الخمور كميا، لكن نوعيته ومداخيله لاتزال حكرا على بعض المحظوظين فقط ٠
ليس للجميع أن يبيع الخمور أو يروجها في ظل قوانين تمنع بيع الخمور بين المسلمين ، و حتى يمكن بيع الكحول، هناك نوعان من الرخص يتم تسليمها: رخص البيع بالجملة ونصف الجملة، وهذه تقدم طلبات بخصوصها إلى وزارة الفلاحة ( مديرية المراقبة التقنية ومحاربة الغش) حيث تقوم مصالح المديرية بزيارة إلى المحلات الراغبة في ترويج الخمور قبل إنجاز تقرير للمصالح المركزية بالوزارة ، للتوقيع عليه من قبل الويز بعد موافقة المديرية ، كما تحتاج هذه الأنواع من الرخص قبل تسليمها إلى موافقة عامل المدينة أو الإقليم ٠
أما رخص البيع بالتقسيط، فإن الولاية أو العمالة المعنية هي التي تسلمها مباشرة، ومع أنه وطبقا للقانون لا يجوز أن تسلم الرخص في الأحياء التي يقطنها المسلمون فإن هذا لا يحترم إطلاقا، والرخص تسلم على مرأى من السلطات، لكنها لا تسلم هكذا لأي كان، وإنما لإعتبارات خاصة تمتزج فيها المحسوبية والعلاقات النافذة، تكفي نظرة إلى أبواب الخمارات للتأكد من هويات أصحابها، وهم إما أجانب ذو يعلاقات نافذة أو أمنيين أو عسكريين سابقين ، أو رجال أعمال نافذين يهتمون بالمجال السياحي ٠
و قد سبق لوزير الداخلية شكيب بنموسى سنة 2008 ، أن أشار في مجلس النواب إلى أن عدد المحلات المرخص لها ببيع الخمور على الصعيد الوطني تبلغ 414 رخصة فقط ، وهو ما يثير التساؤل حول مسطرة الحصول على الترخيص لبيع الخمور التي تظل غامضة وفضفاضة، إذ يعود الأمر فيها إلى لجان لا تحترم في أغلب الأحيان الضوابط والقواعد القانونية للحصول على الترخيص، ويسود نوع من التلاعبات واستغلال النفوذ في المجال ٠
صوديا وسوجيطا ماذا يجري ؟
« استعادة الضيعات الفلاحية، وأغلبها من الأراضي المسترجعة، التي تم تسليمها إلى النافذين في إطار هبات، أو صفقات مباشرة على دفعات، والذين لم ينفذوا التزاماتهم، سواء تلك المتعلقة بالاستثمار أوخلق فرص الشغل، أو باحترام الآجال القانونية لتنفيذ ذلك » كان هذا ما طالب به العمال الزراعيون في مذكرة مطلبية موجهة لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران تطالب الأخير بتحرك ملموس في هذا المجال ٠ الدريدي مولاي الطاهر عضو بالجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي قال في تصريح سابق للجريدة إن « نسبة من المستفيدين من الأراضي الفلاحية التي تم تفويتها عبر ثلاثة أشطر ابتداء من 2003 و 2006 و 2009 ، والتي كانت تعرف بأراضي شركتي صوجيطا و صوديا، معظمهم استفادوا بدون عروض، وكانت عبارة عن منح، وبدون طلبات العروض، وشملت هباتهم أجود الأراضي من ضمنها أحواض مسقية، وفي مناطق فلاحية مهمة ».
وأضاف المحدث أن لجن تتبع هذه الاستثمارات، والتي أحدثت بعد التفويت من خلال وكالة التنمية الفلاحية، منذ سنة 2003 غير مفعلة، لحد الآن، رغم ورودها في مضامين بروتوكول التفويت، حيث ظلت عاجزة عن متابعة هذه المشاريع الفلاحية ومراقبتها، بل إن الوكالة وخلال لقائها الأخير بالجامعة الوطنية، عللت عجزها عن تفعيل هذه الاتفاقيات، بغياب الوسائل والإمكانيات للرصد الميداني، للتأكد من مدى احترام « المستثمرين المفترضين» لإلتزاماتهم وفي مقدمتها إدماج العمال الزراعيين وربط الدعم للمستثمرين الزراعيين بعقد اتفاقيات شغل جماعية هدفها تحسين دخل العمال وظروف عملهم.
وحسب ذات المسؤول النقابي فـإن الجامعة قدمت لائحة أولية تضم مجموعة من الأراضي التي تعرف العديد من المخالفات، بل وذهبت أبعد من ذلك، حيث طالبت باسترجاعها من خلال فسخ تلك العقود، وإعادة استغلالها في إطار قانوني يضمن الشفافية، والمحاسبة في الاستغلال العقلاني للموارد، وتحقيق التنمية الفلاحية المنشودة في إطار المخطط الأخضر ٠
المذكرة التي توصل بها بن كيران طالبت من جانب آخر، بوضع حد للمخالفات التي يصر عليها العديد من المستثمرين، سواء في ما يخص احترام مدونة الشغل وحماية المكتسبات أو الالتزام بدفاتر التحملات، وقدمت كنموذج لها ما تعرفه منطقة، بركان وسوس ماسة وتارودانت ومنطقة الغرب وبني ملال وغيرها، والتي يتمثل أهمها في ضعف الاستثمار عامة وعدم الالتزام بمضامين عقود الاستغلال، وعدم احترام قانون الشغل، والتراجع عن مكتسبات العمال الدائمين و تسريح العمال المرتبطين بالضيعات بعد عقود من العمل، و اعتماد وكالات الوساطة وشركات التشغيل المؤقت، هذا فضلا عن محاربة العمل النقابي ، العمال الزراعيون طالبوا، الحكومة بالعمل على تطبيق مضمون مدونة الشغل في ما يتعلق بساعات العمل الأسبوعية بالنسبة للحراس المحددة في 48 ساعة، وكذا تطبيق اتفاق 26 أبريل بين الحكومة والمركزيات النقابات والقاضي بتوحيد الحد الأدنى للأجور بين كل القطاعات على مدى ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ توقيع الاتفاق .
الملك العمومي و «السيبة »
الملك العمومي وجمالية المدن والمداخيل الضريبية الناجمة عن إستغلاله تحتاج إلى كثير من التقويم، مقاهي تجتاح أرصفة الشوارع ، مخيمات شاطئية بدون تراخيص، أوراش البناء، أبنية مخالفة للقانون، وأخيرا اللوحات الإشهارية التي تجاوز عددها في المغرب 12 ألف نقطة ، تختلف أحجامها بين الكبيرة والصغيرة والجداريات ، وحتى الشاشات العملاقة سوق واعدة تدر 80 مليار سنتيم سنويا، تجتذب ربع مصاريف السوق الإشهارية في المغرب، استفادت من تراخي رؤساء المجالس البلدية و سعيهم وراء مصالحهم الشخصية، حيث يفضلون التعاقد المباشر مع شركات بعينها على طلبات العروض، لكن كيف تحصل الشركات على امتياز استغلال الملك العمومي،بطرق تفضيلية عن باقي منافساتها ؟
الظاهرة انطلقت منتصف التسعينيات، بموازاة تراخي رؤساء الجماعات في تطبيق القانون، وتفضيلهم التعاقد المباشر الذي يكتنفه الغموض والسرية ، عوض طلبات العروض العلنية والشفافة، الأمر الذي أفضى لتكوين ثروات بالملايير دون المساهمة في تنمية المدن، لكن كثيرا من الأمور تغيرت، المجلس الأْعلى للحسابات انتقد في كل تقاريره تدبير اللوحات الإشهارية في المدن، و الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقق في العديد من الملفات بالمدن ، كل هذا جعل بعض شركات الإشهار تعود « لبيت الطاعة »، خصوصا أن الحكومة الجديدة تلوح بأنها ستعيد فتح هذه الملفات و دفاتر التحملات بكل شفافية، فضلا على إعادة وضع السياسات المحلية و خاصة مشاريع التدبير المفوض للمدن ٠
الصلاحيات الواسعة الممنوحة لشركات الإشهار، والعائدات العالقة والألواح غير المرخصة، هيمنت على سوق الإشهار لذلك بذلت محاولات لتنظيم القطاع منذ عام 2001، لكن أيا منها لم تنجح، أحمد الميداوي وزير الداخلية الأسبق، كان أول من عمم على رؤساء الجماعات والمجالس البلدية مذكرات لتشجيعهم على إجراء مناقصات مفتوحة لجميع الشركات ، وبعد ذلك قام مصطفى الساهل بنشر تعميم ثاني على رؤساء المجالس المنتخبة، يتناول طرق منح التراخيص لاحتلال الملك العام، حيث طلب الوزير من رؤساء المجالس المنتخبة، التخلي عن طريقة التعاقد المباشر، ففي العام 2005 كانت المنافسة مشتعلة في ذروتها، وزير الداخلية شكيب بنموسى، أصدر تعميما جديدا موجها لرؤساء الجماعات أو المدن للتصدي للظاهرة، والرسالة كانت أوضح هذه المرة « لا يجب أن يصدر أي ترخيص لاحتلال الممتلكات العامة، قبل إصدار قانون لتنظيم هذه السوق » لكن هذا القانون تأخر كثيرا وما هو ترك القطاع في حالة من الفوضى ، وجعل الطيب الشرقاوي يواجه مجموعة من الأسئلة في مجلس النواب ، وأكيد أن امحند العنصر وزير الداخلية الحالي سيواجه تحديات كبرى في ضبط استغلال الملك العمومي داخل المدن وفق دفاتر تحملات مضبوطة ٠
تكلفة الإعفاءات الضريبية
قدرت الحكومة المغربية تكلفة الإعفاءات الضريبية التي منحتها خلال عام 2011 بنحو 32 مليار درهم ، بزيادة 7.6% مقارنة بالعام الماضي. وأشار تقرير لوزارة المالية إلى أن هذه النفقات تعادل 18.3% من مجموع الموارد الضريبية خلال سنة 2011، كما تعادل نحو 3.9% من الناتج الخام الإجمالي للمغرب ، وبلغ عدد الإجراءات المتعلقة بالإعفاءات الضريبية التي تم إحصاؤها خلال العام الحالي 399 إجراء، وتم تقييم 271 إجراء من بينها، والتي قدرت تكلفتها بنحو 32 مليار درهم ٠
عبد اللطيف زغنون المدير العام للضرائب، كشف في لقاء سابق بالدار البيضاء أن المغرب خسر 32 مليار درهم بسبب الإعفاءات الضريبية، بعد أن بلغت النفقات الجبائية التي تضم مجموع الإعفاءات الضريبية والإعفاءات من الرسوم المختلفة 271 إجراء، واعتبر زغنون أن ما تم خلال السنوات الثلاث الماضية من إصلاح لهذا المجال مكن من إعادة النظر في ما مجموعه 76 إجراء حيث تمكنت الدولة من استعادة 8 مليار درهم٠ ويتضمن النظام الضريبي عدة استثناءات في شكل إعفاءات وتخفيضات ضريبية وإسقاطات من القاعدة الضريبية، إلى جانب أسعار تفضيلية، وتشكل الاستثناءات الضريبية نقصا ماليا هاما في الميزانية العامة للدولة، وهي تشبه النفقات العمومية من حيث الانعكاسات التي تخلفها على الميزانية، وخلال الثلاث سنوات الماضية انتقل عدد التدابير التي تم إحصاؤها من 393 تدبيرا سنة 2009 إلى 384 تدبيرا سنة 2010 ٠ وكشف التقرير أن الأسر المغربية استفادت مباشرة من 110 من بين الإجراءات الضريبية التي تم إحصاؤها، وبلغت حصتها من قيمة الإجراءات التي تم تقييمها 9.6 مليار درهم أي 30 % من الحجم الإجمالي للإعفاءات. بينما استفادت الشركات من 173 إجراء، وبلغت حصتها من تكلفة هذه الإجراءات 19.15 مليار درهم، أي ما يعادل 59.7 % من حجم الإعفاءات الضريبية التي تم تقييمها، وبلغت حصة الشركات العقارية وحدها 9.6% من مجموع قيمة الإعفاءات الضريبية، بينما بلغت حصة الشركات المصدرة منها 9.3%.
مغربي
سمعت مؤخرا أن 8 ديال الكريمات تعطاو في الدار البيضاء للسكان المضربين،