بعدما نجحت المملكة بمعجزة في توفير لقاح لمواطنيها ضد فيروس كورونا...هل سيحتاج المغاربة إلى لقاح آخر لفيروس "التشكيك"؟

بعدما نجحت المملكة بمعجزة في توفير لقاح لمواطنيها ضد فيروس كورونا...هل سيحتاج المغاربة إلى لقاح آخر لفيروس "التشكيك"؟

أخبارنا المغربية

بقلم : إسماعيل الحلوتي

      منذ أن شرعت السلطات الصحية ببلادنا في تسجيل الحالات الأولى من الإصابة بفيروس كورونا المستجد أو "كوفيد -19"، والإشاعات حول سبل النجاة منه أو القضاء عليه لم تنفك تتناسل بشكل رهيب بين المواطنات والمواطنين وعلى صفحات منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية وغيرها، إذ لا يكاد أثر إحداها يختفي حتى تظهر أخرى في حلة قشيبة. لكن الأخطر من ذلك، هو انتشار التشكيك في حقيقة وجود الفيروس ومدى نجاعة اللقاح المقترح.

      وفي الوقت الذي بدأ أغلب المغاربة يسلمون بأن جائحة "كوفيد -19" حقيقة ملموسة وقائمة الذات، ووقفوا على تداعياته الاقتصادية والاجتماعية الكارثية والقاسية على الجانب النفسي، خاصة بعد فرض الحجر الصحي الشامل وإعلان حالة الطوارئ الصحية، توقف عديد الأنشطة الاقتصادية وارتفاع المنحنى الوبائي، من حيث تزايد أعداد الإصابات الإيجابية والحالات الحرجة والوفيات في المقاولات والأحياء السكنية وبين العائلات والأجهزة الطبية وشبه الطبية، وما خلفته من أضرار جسيمة في مختلف القطاعات وتسريح آلاف العمال لأسباب اقتصادية. وبينما  أخذ في التراجع ما كان سائدا من اعتقاد بأن الجائحة صناعة بشرية ظهرت في سياق حرب بيولوجية، ولعبة سياسية دولية لاستعراض القوة والبحث عن التفوق، وإبرام آلاف الصفقات لجني الملايير من العملة الصعبة في بيع الكمامات ومواد التعقيم وأجهزة الكشف عن الداء وترويج اللقاح وغير ذلك...

      فإذا بموجة من الشك تعود للتصاعد، مباشرة بعد أن أعلنت وسائل الإعلام الوطنية والقنوات الرسمية يوم الاثنين 9 نونبر 2020 عن اعتزام المغرب إطلاق حملة تلقيح مكثفة ضد فيروس كورونا المستجد في غضون الأسابيع القليلة القادمة، كما أمر بذلك ملك البلاد محمد السادس وفق رؤيته الاستباقية في اتجاه إنهاء "الأزمة الكورونية"، التي ما فتئت تثير الفزع وتحصد الأرواح .

      وفضلا عن أن شيوع ثقافة التشكيك تساهم في تفكيك اللحمة الوطنية وتضر بمصداقية المؤسسات، وتحد من الإقبال على الانخراط في المجهود الوطني وبناء مجتمع متماسك، فإن التشكيك يعد من أخطر الفيروسات التي تنخر عقول الناس على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والفكرية، حيث أنه يبث بذور الإحباط واليأس في النفوس ويؤدي إلى الشعور بالاغتراب داخل المجتمع، ويفتك بما تبقى من قيم نبيلة ومبادئ إنسانية سامية، إذ يجعل المواطن يعيش أزمة ثقة حادة، لا يمكن التعافي منها إلا بتعزيز مناعته الفكرية ورؤية الأشياء من زوايا أخرى أكثر اتساعا وإنارة.

      فالمتخصصون في علم النفس التربوي يؤكدون على أن الإنسان عامة والعربي خاصة يؤمن بما يسمى نظرية المؤامرة، انطلاقا من انعدام الوعي وما تراكم لديه من انكسارات وخيبات أمل، حيث أنه عندما يجد نفسه أمام خطر داهم  تصعب عليه مواجهته أو مشكلة يتعذر عليه إيجاد حل مناسب لها، غالبا ما يلجأ إلى الإنكار، كما يحدث اليوم من تشكيك في الفيروس وفعالية اللقاح، وتجاهل كامل للحقائق العلمية،  سعيا منه إلى التخلص من مشاعر التوتر والفزع والبحث عن توازن نفسي وهمي.

      ونحن هنا نتفهم مشاعر أولئك الذين أصبح الشك يستبد بأفكارهم، وفقدوا ثقتهم في كل ما تعرضه عليهم الدوائر المسؤولة حتى إن كان يصب في مصلحتهم، لما تجمع لديهم من ملاحظات سلبية عن المسؤولين والأحزاب السياسية التي أضحت منعدمة المصداقية في أعينهم، بسبب وعودها الكاذبة وشعاراتها الزائفة، ولا ننتظر منهم مباركة حملة التطعيم ضد جائحة "كوفيد -19"، ماداموا يعارضون الخضوع للقاح ما لم يسبقهم إليه الوزراء والبرلمانيون وغيرهم من كبار الشخصيات. 

      كما أننا لا نعترض على من يجعلون من الشك منهاجا في حياتهم العامة للتأكد من حقيقة الأشياء، باعتباره شكا محمودا ويندرج في إطار التفكير السليم. بيد أننا نرفض بشدة التمادي في نشر التيئيس والتبخيس وإثارة البلبلة من قبل تلك الفئة من العدميين، الذين باتت عقولهم أحوج ما تكون إلى لقاح ناجع يخلصهم من فيروس التشكيك اللئيم.

      فما لا ينبغي أن يغيب عن أذهان المشككين في اللقاح المرتقب استخدامه، أنه إلى جانب توفر بلادنا على لجنة علمية مشهود لأعضائها بالكفاءة، وأنها وحدها المخول لها صلاحية تقييم الحالة الوبائية واقتراح القرارات الكفيلة بحماية صحة وسلامة المواطنات والمواطنين، والتي أكدت فعالية اللقاح الذي طورته شركة "سينوفارم" الصينية والحامل لاسم "كورونافاك"، خاصة أن جزء من تجارب المرحلة الثالثة أجري في مستشفياتنا وتحت إشراف نخبة من أطبائنا المتميزين، ووضعت شروطا لإنجاح عملية التلقيح. هناك ضوابط وشروط قانونية يجب توفرها في كل دواء أو لقاح قبل الترخيص باستعماله، وهناك كذلك مسؤولية منظمة الصحة العالمية التي تحرص على سلامة وفعالية اللقاحات التي تقيمها، وتحذر من مغبة التشكيك في جدوى اللقاحات ضد كورونا.

 

      إننا لا نظن أن هناك رسالة لطمأنة المغاربة على حماية سلامتهم الصحية، أبلغ من تلك التي وجهها إليهم ملك البلاد محمد السادس، من خلال إجرائه مباحثات هاتفية مع الرئيس الصيني "شي جين بينغ" في شهر غشت 2020 حول تعاون بلديهما، فيما يتعلق بإنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا التاجي. وعودته في 9 نونبر 2020 لإعطاء تعليماته بإطلاق حملة تطعيم في الأسابيع القليلة المقبلة، تمنح فيها الأولوية لمهنيي الصحة والسلطات العمومية وقوات الأمن ونساء ورجال التعليم وكبار السن والفئات الهشة للفيروس. فأي ضمانة أكبر من الحضور القوي للملك، وتصدر "أعمدة" الدولة قائمة المستفيدين من اللقاح المنتظر؟

 

عدد التعليقات (10 تعليق)

1

عماد

الرأي والرأي الآخر

 "فالمتخصصون في علم النفس التربوي يؤكدون على أن الإنسان عامة والعربي خاصة يؤمن بما يسمى نظرية المؤامرة، انطلاقا من انعدام الوعي.." بما أن "السي" كاتب المقال توجه لأهل الاختصاص فيما يتعلق بنظرية المؤامرة، فكذلك يجب الرجوع لأهل البحث والاختصاص فيما يتعلق باللقاح؛ أزيد من 600 دكتور وباحث فقط في بريطانيا ضد اللقاح، وأظن هذا لا يحتاج لحدة ذكاء لا يوجد ابدا دواء او لقاح آمن 100% (كانظن هادي متافقين عليها بلا منعطيو الدلائل) ولو افترضنا نسبة 0,5 كهامش للخطأ فتطعيم 20 مليون مغربي فلا قدر الله 100 الف مواطن "ما يجيش معاهم اللقاح"

2020/11/23 - 06:19
2

معلق

الواقع

الواقع المر يا حبيبي فرض على المواطن الشك في المؤسسات المتحكمة في البلد كيف تريد أن يثق المواطن فيمن سفح دم الثقة في كثير من المحطات ،كيف و نحن نلمس يوميا اعلاما في واد و واقع الحال في واد اخر،أما عن المؤامرة ،فليس المواطن من يتوهمها،ولكن كثير من المفكرين النزهاء هو يكشفها ،وانا قرأت لكثير من الكتاب الغربيين المشهود لهم بالنزاهة و الإنصاف، من يكشف المؤامرات القديمة والحديثة المحلية و العالمية،وما اتفاقية سايكس بيكو إلا خير دليل على المؤامرة التي فرقت الدول العربية لصالح المحتلين والتي كانت طي الكتمان مدة طويلة

2020/11/23 - 06:40
3

مذكر

المغاربة وعاو ادادة الفاهم

المغاربة فهمو وفطنو لللعبة المحبوكة ولن تنطلي عليهم ترهاتكم، اللي بغا يتلقح يمشي يعطي دراعو و اللي خايف من مصيدة المؤامرة اللي تتنكروها انتما، يمتنع، لأن الفيروس ضعيف لدرجة القتل، و لايصيب إلا دوى الأمراض المزمنة، و منهم من يشفيه الله و منهم من يموت وكذلك تفعل الإنفلونزا الموسمية، وباراكا علينا من تآمركم، سير أسأل وزير الدفاع الأمريكي السابق عام 1979 علاش صرح بقتل البشر عبر الاوبئة لئلا يصل العدد إلى 10 ملايير انسان والسلام على من اتبع الهدى.

2020/11/23 - 07:01
4

محمد

ملاحظ

كنت اشك و لكن بعد تدخل ملك البلاد اظن انني ساقوم باللقاح حماية لنفسي و لمحيطي

2020/11/23 - 08:04
5

الصاعق

..

إلى كاتب المقال: كما يوجد فيروس التشكيك كما أسميته..يوجد كذلك فيروس السذاجة وهو كذلك يحتاج صاحبه إلى تلقيح..

2020/11/23 - 08:08
6

اسامة

الدار البيضاء

السي اسماعيل مول المقال برهن على الخطأ الفظيع للكاتب الناقد الأمريكي "نعوم شومسكي" والباحث البريطاني "دافيد آيك" في ما يتعلق بنظرية المؤامرة، أكثر من ثلاثة عقود من أبحاثهم ذهبت أدراج الرياح... ههههه يا لأمة ضحكت من جهلها الأمم وللأسف الشديد

2020/11/23 - 09:26
7

سعيد

العجلة من الشيطان

اللقاح يجب أن ينشر في جريدة الأبحاث العلمية وحصوله على ترخيص في الصين ويستعملوه الصينيين أولا هل تعلم أن الصين أربعة لقاحات لم يثبث اي واحد منها لماذا لانستعمل اللقاح الألماني أو البرطاني

2020/11/23 - 09:44
8

حمادة

إجبارية التلقيح

بما أن التلقيح ليس إجباري فلماذا تحديد نسبة 80% من المواطنين التي يجب أن تخضع التلقيح.. أمران لا يستويان..

2020/11/23 - 09:53
9

ليلى

تعليق

التشكيك هو موعد إجراء راديو على ثدي مدته 63 يوم .. حريق و و خز و الم هل يمكنني تحمله طول هده المدة .؟ سرطان الثدي بالمجان والكشف المبكر كلها شعارات حنجرة . لا أساس لها. سوى في التلفزة

2020/11/23 - 10:11
10

هدهد.

تجار الدين .

نعم نحتاج تلقيح الجيوب و إقتسام الثروة بين الجميعو الصناديق السوداء و الفوسفاط و البحر و الجو بالعدل حينها نتأكد أن مسؤولينا يحبوننا

2020/11/24 - 12:19
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات