حين يخطئ الدعم طريقه إلى الفقراء

حين يخطئ الدعم طريقه إلى الفقراء

المساء

كلما أثقلت الظرفية المرتبطة بارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق الدولة، على ميزانية الدولة عبر صندوق المقاصة يطفو على السطح النقاش حول ضرورة إصلاح نظام الدعم بما يفضي إلى تقليص مخصصات صندوق المقاصة، حيث عبرت السلطات العمومية، مؤخرا، عن نيتها  حصر تلك النفقات في حدود 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام..غير أن الدعم لا يأتي عبر المواد الأساسية، بل يتعداه إلى المخصصات التي ترصد لدعم التعليم في جميع مستوياته.
وقد حثت دراسة قدمت في السنة الفارطة إلى وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة على حصر مستوى نفقات الدعم في 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام والمضي نحو استقلالية تمويل المقاصة.. وخلق صندوق موجه للاستثمار الاجتماعي .. وتفعيل مبدأ التلاحم الاجتماعي عبر تأسيس «مساهمة عامة للتضامن» والمزاوجة بين الولوج إلى الخدمات الأساسية والتحويلات المباشرة وتشجيع الاستهداف التشاركي وحكامة القرب ووضع آلية للاستهداف الأقصى المفضي إلى الاستهداف الكامل وإحداث «قطب رئيسي للحكامة» على أساس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتوضيح مسؤوليات الفاعلين المحليين ورفع شعار جماعات ضد الفقر من أجل جماعات بدون فقر.
وذلك برنامج عمل يغذي النقاشات التي تناولت الدعم، خاصة ذاك الموجه للمواد الأساسية، والتي دأبت على التأكيد في تبريرها لضرورة الإصلاح على أن الدعم الذي يفترض أن يذهب للفقراء، لا تستفيد منه هاته الفئة فقط، بل يذهب في جزء كبير منه إلى الأغنياء.
وكانت دراسة أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، خلصت إلى أن توزيع الدعم، الذي تخصصه الدولة إلى الفقراء، لم تترتب عنه النتائج المرجوة، على اعتبار أن تلك المخصصات لم يستفد منها سوى الأغنياء، فـ20 في المائة من الأسر الغنية تستحوذ على 40 في المائة من الدعم الغذائي وتحصل على 50 في المائة من المساعدة المخصصة لدعم التعليم في جميع مستوياته.
الدراسة التي حملت عنوان «الاستهداف الجغرافي للفقر من أجل توزيع أنجع للموارد المخصصة لمحاربة الفقر»، أشارت إلى  أن 20 في المائة من الأسر الأكثر غنى تستحوذ على حصة تتجاوز 40 في المائة من الدعم الغذائي، الذي يرصد لاستهلاك دقيق القمح الطري أو دقيق السكر أو زيت المائدة، فيما لا تفوق حصة 20 في المائة من الأسر الأكثر فقرا من هذه المواد الغذائية على التوالي 6.1 في المائة و9.3 في المائة و6.3 في المائة.
لا تتجلى الفوارق على مستوى الدعم الموجه للمواد الغذائي فقط، بل تتعداه إلى الدعم العمومي الموجه للتعليم والتكوين، على اعتبار أن حصة 20 في المائة من الأسر الأكثر غنى تستحوذ على 16.8 في المائة من الدعم في السلك الأول و30.7 في المائة في السلك الثاني من التعليم الأساسي و48.1 في المائة في التعليم الثانوي و58.6  في المائة في التعليم العالي، هذا في الوقت الذي تؤول لـ20 في المائة من الأسر الفقيرة على التوالي حصة 19.1 في المائة و9.6 في المائة و4.8 في المائة و3.2 في المائة.
التمويل الجزافي في توزيع الموارد، حسب الدراسة التي استندت إلى معطيات خارطة الفقر بالمغرب والدراسة حول نفقات الأسر المغربية لسنة2001، لم تعط النتائج المتوخاة، على مستوى حصر دائرة الفقر، وهذا ما يدفع واضعي دراسة المندوبية السامية للتخطيط، إلى التأكيد على أنه يتوجب الانخراط في مقاربة جديدة، تستعيض عن التوزيع الجزافي الذي يسوي بين الفقراء والأغنياء، بمقاربة جديدة تقوم على الاستهداف المباشر للفقراء بالدعم، بمعنى أن الدعم يتوجب أن يوجه للفقراء بشكل مباشر في الأقاليم والجماعات والأحياء والدواوير.
ويتصور واضعو الدراسة أن هكذا استهداف يمكن أن يفضي إلى خفض معدل الفقر بـ 37 في المائة في الوسط الحضري و22 في المائة في الوسط القروي، بل إنهم يتوقعون أن يؤدي الاستهداف الجغرافي إلى تراجع الفقر في الدواوير بـ 53 في المائة و في الأحياء بـ 23 في المائة، وتعتبر الدراسة التوزيع القائم على الاستهداف الجغرافي كفيل بأن يفضي إلى خفض الموارد بأكثر من الثلثين في الوسط الحضري وبما يتعدى الثلث في الوسط القروي.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة