مرحبا‮ ‬بكم‮ ‬في‮ ‬النادي‮

مرحبا‮ ‬بكم‮ ‬في‮ ‬النادي‮

لا‮ ‬يسع‮ ‬المرء‮ ‬سوى‮ ‬أن‮ ‬يشعر‮ ‬بالسعادة‮ ‬وهو‮ ‬يرى‮ ‬أن‮ ‬الغالبية‮ ‬الساحقة‮ ‬من‮ ‬الشعارات‮ ‬والمطالب،‮ ‬التي‮ ‬رفعها‮ ‬المتظاهرون‮ ‬في‮ ‬شتى‮ ‬ربوع‮ ‬المملكة‮ ‬يوم‮ ‬20‮ ‬مارس‮ ‬الأخير،‮ ‬كنا‮ ‬سباقين‮ ‬إلى‮ ‬المناداة‮ ‬بها‮ ‬والمطالبة‮ ‬بتحقيقها‮.‬
وعوض‮ ‬أن‮ ‬نظل‮ ‬لوحدنا‮ ‬نصرخ‮ ‬كل‮ ‬يوم‮ ‬في‮ ‬أعمدتنا،‮ ‬أصبحنا‮ ‬مدعومين‮ ‬بعشرات‮ ‬الآلاف‮ ‬من‮ ‬كتاب‮ ‬الأعمدة‮ ‬الذين‮ ‬يحررون‮ ‬شعاراتهم‮ ‬ومطالبهم‮ ‬وآراءهم‮ ‬وتحاليلهم‮ ‬المركزة‮ ‬والذكية‮ ‬للوضع‮ ‬فوق‮ ‬لافتاتهم‮ ‬ويافطاتهم‮ ‬وقمصانهم،‮ ‬ثم‮ ‬ينزلون‮ ‬بها‮ ‬إلى‮ ‬الشوارع‮ ‬والساحات‮ ‬لكي‮ ‬يبلغوها‮ ‬إلى‮ ‬من‮ ‬يهمهم‮ ‬الأمر‮.‬
مرحبا‮ ‬بكم‮ ‬جميعا‮ ‬في‮ ‬النادي،‮ ‬فقد‮ ‬أدمنا‮ ‬الصراخ‮ ‬لسنوات‮ ‬طويلة‮ ‬كل‮ ‬يوم‮ ‬منددين‮ ‬بلصوص‮ ‬المال‮ ‬العام‮ ‬ومفسدي‮ ‬الحياة‮ ‬الاقتصادية‮ ‬والسياسية‮ ‬والأخلاقية،‮ ‬لكن‮ ‬لا‮ ‬أحد‮ ‬أراد‮ ‬الاستماع‮ ‬إلى‮ ‬صراخنا،‮ ‬وها‮ ‬أنتم‮ ‬تضمون‮ ‬مسيراتكم‮ ‬الصاخبة‮ ‬إلى‮ ‬صراخنا‮ ‬اليومي،‮ ‬لعل‮ ‬هؤلاء‮ ‬المصابين‮ ‬بالصمم‮ ‬في‮ ‬أبراجهم‮ ‬العاجية‮ ‬يفتحون‮ ‬آذانهم‮ ‬قليلا‮ ‬لسماع‮ ‬صوت‮ ‬الشعب‮ ‬القادم‮ ‬من‮ ‬الأزقة‮ ‬والساحات‮.‬
ولا‮ ‬بد‮ ‬أن‮ ‬أولئك‮ ‬الذين‮ ‬ظلوا‮ ‬ينعتوننا‮ ‬بزرّاع‮ ‬اليأس‮ ‬والسوداويين،‮ ‬ويسمون‮ ‬انتقاداتنا‮ ‬للمسؤولين‮ ‬الذين‮ ‬يسيرون‮ ‬الشأن‮ ‬العام‮ ‬سبا‮ ‬وقذفا‮ ‬وتشهيرا‮ ‬واعتداء‮ ‬على‮ ‬حياتهم‮ ‬الخاصة،‮ ‬سيجدون‮ ‬أنفسهم‮ ‬مجبرين‮ ‬على‮ ‬مراجعة‮ ‬حساباتهم‮ ‬وهم‮ ‬يكتشفون‮ ‬أن‮ ‬كل‮ ‬الذين‮ ‬شملهم‮ ‬نقدنا‮ ‬رفعت‮ ‬أسماؤهم‮ ‬وصورهم‮ ‬في‮ ‬المسيرات‮ ‬والوقفات‮ ‬الاحتجاجية‮ ‬للمطالبة‮ ‬بمحاسبتهم‮.‬
في‮ ‬تطوان،‮ ‬رفع‮ ‬المتظاهرون‮ ‬لافتات‮ ‬عليها‮ ‬صور‮ ‬مديرة‮ ‬دار‮ ‬الثقافة‮ ‬سميرة‮ ‬قدري‮ ‬ومندوب‮ ‬وزارة‮ ‬الثقافة‮ ‬وابن‮ ‬المستشار‮ ‬الملكي‮ ‬الراحل‮ ‬مزيان‮ ‬بلفيقه،‮ ‬مطالبين‮ ‬بمحاسبتهم‮. ‬وقد‮ ‬كنا‮ ‬أول‮ ‬من‮ ‬كسر‮ ‬الصمت‮ ‬حول‮ ‬تجاوزات‮ ‬مديرة‮ ‬دار‮ ‬الثقافة‮ ‬وزوجها‮ ‬المهندس‮ ‬ومندوب‮ ‬وزارة‮ ‬الثقافة،‮ ‬واحتكارهم‮ ‬لصفقات‮ ‬الوزارة‮ ‬في‮ ‬جهة‮ ‬تطوان‮ ‬طنجة،‮ ‬واستفادة‮ ‬الفنانة‮ ‬سميرة‮ ‬قدري‮ ‬من‮ ‬ميزانيات‮ ‬الوزارة‮ ‬لصالح‮ ‬جمعيات‮ ‬تتولى‮ ‬تسييرها‮ ‬هي‮ ‬وسعادة‮ ‬المندوب،‮ ‬وتوفرها‮ ‬على‮ ‬حسابات‮ ‬بنكية‮ ‬في‮ ‬الخارج‮ ‬تودع‮ ‬بها‮ ‬العملة‮ ‬الصعبة‮ ‬دون‮ ‬علم‮ ‬مكتب‮ ‬الصرف‮ ‬أو‮ ‬مكتب‮ ‬الضرائب‮.‬
وفي‮ ‬الدار‮ ‬البيضاء،‮ ‬رفع‮ ‬المتظاهرون‮ ‬لافتات‮ ‬تطالب‮ ‬برحيل‮ ‬شركة‮ «‬ليدك‮» ‬والعمدة‮ ‬ساجد‮ ‬المتواطئ‮ ‬معها‮ ‬على‮ ‬نهب‮ ‬جيوب‮ ‬ساكنة‮ ‬الدار‮ ‬البيضاء‮ ‬الكبرى‮. ‬وربما‮ ‬نحن‮ ‬أول‮ ‬جريدة‮ ‬تهددها‮ «‬ليدك‮» ‬بالمتابعة‮ ‬القضائية‮ ‬عبر‮ ‬مساحات‮ ‬إعلانية‮ ‬تقتنيها‮ ‬هذه‮ ‬الأيام‮ ‬في‮ ‬بعض‮ ‬الجرائد‮. ‬والسبب‮ ‬هو‮ ‬أننا‮ ‬لم‮ ‬نخضع‮ ‬لإغراء‮ ‬هذه‮ ‬الشركة‮ ‬مثلما‮ ‬فعل‮ ‬البعض،‮ ‬وبقينا‮ ‬على‮ ‬موقفنا‮ ‬المنتقد‮ ‬لطريقة‮ ‬تدبيرها‮ ‬لماء‮ ‬وكهرباء‮ ‬ونظافة‮ ‬ملايين‮ ‬المواطنين‮. ‬
وفي‮ ‬الرباط،‮ ‬رفع‮ ‬المتظاهرون‮ ‬لافتات‮ ‬بها‮ ‬صور‮ ‬سميرة‮ ‬سيطايل‮ ‬ونور‮ ‬الدين‮ ‬الصايل‮ ‬والعرايشي،‮ ‬مطالبين‮ ‬برحيلهم‮. ‬وربما‮ ‬نحن‮ ‬الجريدة‮ ‬الوحيدة‮ ‬الممنوعة‮ ‬من‮ ‬المرور‮ ‬عبر‮ ‬شاشة‮ ‬القناة‮ ‬الثانية،‮ ‬بسبب‮ ‬انتقادنا‮ ‬للانحدار‮ ‬الإعلامي‮ ‬الذي‮ ‬وصلت‮ ‬إليه‮ ‬القناة،‮ ‬بتوصية‮ ‬شخصية‮ ‬من‮ ‬سميرة‮ ‬سيطايل،‮ ‬والتي‮ ‬لازالت‮ ‬تشغل‮ ‬منصبها‮ ‬ضدا‮ ‬على‮ ‬القانون‮ ‬الذي‮ ‬يقول‮ ‬إن‮ ‬زوجة‮ ‬السفير‮ ‬لا‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬تشتغل‮ ‬وإن‮ ‬عليها‮ ‬أن‮ ‬ترافق‮ ‬زوجها‮ ‬إلى‮ ‬مقر‮ ‬سفارته‮ ‬لتمثيل‮ ‬المغرب‮.‬
ورغم‮ ‬أن‮ ‬سميرة‮ ‬سيطايل‮ ‬استعملت‮ ‬نفوذها‮ ‬لدى‮ ‬الطيب‮ ‬الفاسي‮ ‬الفهري‮ ‬لكي‮ ‬ترقي‮ ‬زوجها‮ ‬من‮ ‬قنصل‮ ‬في‮ ‬فرنسا‮ ‬إلى‮ ‬سفير‮ ‬في‮ ‬بروكسيل،‮ ‬فإنها‮ ‬تحدت‮ ‬القانون‮ ‬وتشبثت‮ ‬بمنصبها‮ ‬كمديرة‮ ‬للأخبار‮ ‬في‮ ‬القناة‮ ‬الثانية‮ ‬ولم‮ ‬تلتحق‮ ‬بزوجها‮ ‬السفير‮. ‬
أما‮ ‬مدير‮ ‬المركز‮ ‬السينمائي‮ ‬المغربي،‮ ‬الذي‮ ‬وضعه‮ ‬المتظاهرون‮ ‬في‮ ‬خانة‮ ‬أفراد‮ ‬البوليس‮ ‬الإعلامي‮ ‬الذي‮ ‬يجب‮ ‬تنحيته،‮ ‬فقد‮ ‬تابع‮ ‬الجميع‮ ‬كيف‮ ‬حشد‮ ‬العشرات‮ ‬من‮ ‬أصدقائه‮ ‬المخرجين‮ ‬والصحافيين‮ ‬وكتاب‮ ‬السيناريو‮ ‬الدائرين‮ ‬في‮ ‬فلكه‮ ‬والمقتاتين‮ ‬من‮ ‬فتات‮ ‬مائدة‮ ‬دعمه،‮ ‬لكي‮ ‬يوقعوا‮ ‬عريضة‮ ‬ضدنا‮ ‬لمجرد‮ ‬أننا‮ ‬طالبنا‮ ‬القضاء‮ ‬بإعمال‮ ‬النظر‮ ‬في‮ ‬تقارير‮ ‬المجلس‮ ‬الأعلى‮ ‬للحسابات‮ ‬التي‮ ‬تتحدث‮ ‬عن‮ ‬التجاوزات‮ ‬والاختلالات‮ ‬المالية‮ ‬التي‮ ‬عرفها‮ ‬المركز‮ ‬السينمائي‮ ‬على‮ ‬عهده‮.‬
أكثر‮ ‬من‮ ‬ذلك،‮ ‬عوض‮ ‬أن‮ ‬ينكب‮ ‬القضاء‮ ‬على‮ ‬تقارير‮ ‬المجلس‮ ‬الأعلى‮ ‬للحسابات‮ ‬ضد‮ ‬نور‮ ‬الدين‮ ‬الصايل،‮ ‬فضل‮ ‬الانكباب‮ ‬على‮ ‬الشكاية‮ ‬التي‮ ‬قدمها‮ ‬هذا‮ ‬الأخير‮ ‬ضدنا‮ ‬والتي‮ ‬يتهمنا‮ ‬فيها‮ ‬بشتمه‮ ‬والتدخل‮ ‬في‮ ‬حياته‮ ‬الخاصة،‮ ‬رغم‮ ‬أننا‮ ‬لم‮ ‬نفعل‮ ‬غير‮ ‬انتقاد‮ ‬المنتوج‮ ‬السينمائي‮ ‬المنحط‮ ‬الذي‮ ‬يدعمه‮ ‬بأموال‮ ‬دافعي‮ ‬الضرائب،‮ ‬والتعليق‮ ‬على‮ ‬إقدام‮ ‬زوجته‮ ‬على‮ ‬التعري‮ ‬على‮ ‬غلاف‮ ‬مجلة‮ ‬نسائية‮ ‬وهي‮ ‬حامل‮.‬
وهكذا‮ ‬عوض‮ ‬أن‮ ‬يحكم‮ ‬القضاء‮ ‬لمصلحة‮ ‬الشعب‮ ‬ويجبر‮ ‬الصايل‮ ‬على‮ ‬رد‮ ‬الأموال‮ ‬التي‮ ‬بددها‮ ‬إلى‮ ‬خزينة‮ ‬الدولة،‮ ‬حكم‮ ‬علينا‮ ‬القاضي‮ ‬العلوي‮ ‬من‮ ‬جديد‮ ‬قبل‮ ‬شهر‮ ‬بدفع‮ ‬تعويض‮ ‬مالي‮ ‬للسيد‮ ‬نور‮ ‬الدين‮ ‬الصايل،‮ ‬جزاء‮ ‬لنا‮ ‬على‮ ‬انتقاد‮ ‬ذوق‮ ‬سعادته‮ ‬السينمائي‮ ‬والتعليق‮ ‬على‮ «‬تزبيط‮» ‬السيدة‮ ‬حرمه‮ ‬على‮ ‬غلاف‮ ‬المجلة‮.‬
وفي‮ ‬الرباط،‮ ‬رفع‮ ‬متظاهرون‮ ‬لافتة‮ ‬تطالب‮ ‬بالاقتصاص‮ ‬من‮ ‬الموثقة‮ ‬القوية‮ ‬صونيا‮ ‬العوفي،‮ ‬ابنة‮ ‬الوكيل‮ ‬العام‮ ‬للملك‮ ‬في‮ ‬الرباط،‮ ‬التي‮ ‬تدخل‮ ‬لها‮ ‬والدها‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬توفير‮ ‬الحماية‮ ‬لها‮ ‬وتجنيبها‮ ‬المتابعة‮ ‬بعدما‮ ‬تورطت‮ ‬في‮ ‬ملف‮ ‬تحفيظ‮ ‬عقاري‮ ‬ذهب‮ ‬بسببه‮ ‬آخرون‮ ‬إلى‮ ‬السجن‮ ‬مكانها‮.‬
وقد‮ ‬كنا‮ ‬أول‮ ‬جريدة‮ ‬تطرقت‮ ‬إلى‮ ‬نفوذ‮ ‬هذه‮ ‬السيدة‮ ‬المتعاظم‮ ‬في‮ ‬الرباط،‮ ‬وكيف‮ ‬تحولت،‮ ‬بقدرة‮ ‬قادر،‮ ‬وفي‮ ‬ظرف‮ ‬زمني‮ ‬وجيز،‮ ‬إلى‮ ‬واحدة‮ ‬من‮ ‬الموثقات‮ ‬المليارديرات‮ ‬في‮ ‬العاصمة‮ ‬بعد‮ ‬مشوار‮ ‬دراسي‮ ‬فاشل‮ ‬في‮ ‬شعبة‮ ‬البيولوجيا‮.‬
وليس‮ ‬مفاجئا‮ ‬بالنسبة‮ ‬إلينا‮ ‬أن‮ ‬نلاحظ‮ ‬كيف‮ ‬أن‮ ‬تسعين‮ ‬في‮ ‬المائة‮ ‬من‮ ‬شعارات‮ ‬ومطالب‮ ‬المحتجين،‮ ‬التي‮ ‬رفعوها‮ ‬في‮ ‬لافتاتهم‮ ‬ويافطاتهم‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬ربوع‮ ‬المملكة،‮ ‬هي‮ ‬نفسها‮ ‬الشعارات‮ ‬والمطالب‮ ‬التي‮ ‬كنا‮ ‬دائما‮ ‬سباقين‮ ‬إلى‮ ‬رفعها‮ ‬يوميا‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬الجريدة،‮ ‬فقد‮ ‬كانت‮ ‬قناعتنا‮ ‬دائما‮ ‬أننا‮ ‬نسير‮ ‬على‮ ‬إيقاع‮ ‬النبض‮ ‬اليومي‮ ‬للشارع‮ ‬والرأي‮ ‬العام‮. ‬
الجميع‮ ‬اليوم‮ ‬ينزل‮ ‬إلى‮ ‬الشارع‮ ‬لكي‮ ‬يرفع‮ ‬شعارات‮ ‬ضد‮ ‬الدستور‮ ‬المتقادم‮ ‬وضد‮ «‬أمانديس‮» ‬وضد‮ ‬فساد‮ ‬القضاء‮ ‬وتخلف‮ ‬الإعلام‮ ‬وجشع‮ ‬المقاولين،‮ ‬ومطالب‮ ‬بمحاكمة‮ ‬المفسدين‮ ‬وإرجاع‮ ‬الأموال‮ ‬المنهوبة‮ ‬والمساءلة‮ ‬الجنائية‮ ‬لرموز‮ ‬الفساد‮. ‬
وهذا‮ ‬لوحده‮ ‬يعتبر‮ ‬إيذانا‮ ‬بمغرب‮ ‬جديد‮ ‬يقطع‮ ‬مع‮ ‬عهد‮ ‬الخوف‮ ‬الذي‮ ‬سكن‮ ‬أجيالا‮ ‬من‮ ‬المغاربة‮ ‬ومنعها‮ ‬من‮ ‬التعبير‮ ‬الحر‮ ‬والجريء‮ ‬عن‮ ‬آمالها‮ ‬ومطالبها‮ ‬وانتظاراتها‮.‬
في‮ ‬ساحات‮ ‬المدن‮ ‬وشوارعها‮ ‬وأزقتها،‮ ‬رفع‮ ‬المتظاهرون‮ ‬شعارات‮ ‬تعبر‮ ‬عن‮ ‬اختلاف‮ ‬وجهات‮ ‬نظرهم‮ ‬ومرجعياتهم‮ ‬السياسية‮ ‬والفكرية‮ ‬والإيديولوجية‮. ‬وهكذا،‮ ‬تنتقل‮ ‬الشعارات‮ ‬من‮ ‬المطالب‮ ‬الاجتماعية‮ ‬كالشغل‮ ‬والسكن،‮ ‬إلى‮ ‬المطالب‮ ‬السياسية‮ ‬كرفض‮ ‬الجمع‮ ‬بين‮ ‬السلطة‮ ‬والثروة،‮ ‬إلى‮ ‬المطالب‮ ‬العلمانية‮ ‬كفصل‮ ‬الدين‮ ‬عن‮ ‬الدولة،‮ ‬إلى‮ ‬المطالب‮ ‬الثورية‮ ‬الراديكالية‮ ‬التي‮ ‬تطالب‮ ‬بتغيير‮ ‬النظام،‮ ‬إلى‮ ‬المطالب‮ ‬الساخرة‮ ‬والتي‮ ‬جسدتها‮ ‬عبارة‮ ‬مكتوبة‮ ‬فوق‮ ‬قميص‮ ‬الطبيبة‮ ‬النفسانية‮ ‬التي‮ ‬سبق‮ ‬لها‮ ‬أن‮ ‬تزعمت‮ ‬حركة‮ «‬مالي‮» ‬للإفطار‮ ‬العلني‮ ‬في‮ ‬رمضان‮ ‬والتي‮ ‬تقول‮ «‬لست‮ ‬بحاجة‮ ‬إلى‮ ‬ممارسة‮ ‬الجنس،‮ ‬لأن‮ ‬الحكومة‮ ‬تمارسه‮ ‬علي‮ ‬يوميا‮». ‬
الجميع‮ ‬رفع‮ ‬شعاره‮ ‬وعبر‮ ‬عن‮ ‬مطلبه‮ ‬بطريقة‮ ‬حضارية،‮ ‬وفي‮ ‬الأخير‮ ‬جمع‮ ‬كل‮ ‬واحد‮ ‬شعاره‮ ‬وطوى‮ ‬لافتته‮ ‬وعاد‮ ‬إلى‮ ‬بيته‮ ‬دون‮ ‬أن‮ ‬تتكسر‮ ‬أسنانه‮ ‬أو‮ ‬أضلاعه‮ ‬أو‮ ‬تتعرض‮ ‬واجهة‮ ‬محل‮ ‬واحد‮ ‬للتكسير‮. ‬
هذا‮ ‬يعني‮ ‬شيئا‮ ‬واحدا‮ ‬فقط،‮ ‬وهو‮ ‬أن‮ ‬الديمقراطية‮ ‬التي‮ ‬تسمح‮ ‬للجميع‮ ‬بالتعبير‮ ‬عن‮ ‬رأيه‮ ‬وموقفه‮ ‬بطريقة‮ ‬سلمية‮ ‬وحضارية‮ ‬هي‮ ‬الحل‮. ‬أما‮ ‬العنف‮ ‬فجواب‮ ‬العاجزين‮ ‬والمستبدين‮ ‬والباحثين‮ ‬عن‮ ‬تأليب‮ ‬الدولة‮ ‬ضد‮ ‬المجتمع‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬الحفاظ‮ ‬على‮ ‬مصالحهم‮ ‬الضيقة‮ ‬والاستمرار‮ ‬في‮ ‬لعب‮ ‬دور‮ ‬رجل‮ ‬الإطفاء‮ ‬المولع‮ ‬بإضرام‮ ‬النيران‮.‬
والآن،‮ ‬بعدما‮ ‬أوصلت‮ ‬كل‮ ‬هذه‮ ‬الآلاف‮ ‬من‮ ‬المغاربة‮ ‬مطالبها‮ ‬وشعاراتها‮ ‬إلى‮ ‬آذان‮ ‬من‮ ‬يهمهم‮ ‬الأمر،‮ ‬وتحول‮ ‬المواطنون‮ ‬الذين‮ ‬ظلوا‮ ‬مكتفين‮ ‬بقراءة‮ ‬ما‮ ‬يكتب‮ ‬في‮ ‬الصحف‮ ‬إلى‮ ‬كتاب‮ ‬بدورهم‮ ‬يشاركون‮ ‬بأعمدتهم‮ ‬وتعليقاتهم‮ ‬وشعاراتهم‮ ‬في‮ ‬المسيرات‮ ‬التي‮ ‬تجوب‮ ‬الشوارع،‮ ‬هل‮ ‬سنرى‮ ‬تفاعلا‮ ‬فوريا‮ ‬وإيجابيا‮ ‬مع‮ ‬هذه‮ ‬المطالب‮ ‬والشعارات،‮ ‬أم‮ ‬إن‮ ‬هؤلاء‮ ‬الذين‮ ‬يهمهم‮ ‬الأمر‮ ‬سيكتفون‮ ‬بتسجيلها‮ ‬و‮«‬ترقيدها‮» ‬كما‮ ‬تعودوا‮ ‬أن‮ ‬يفعلوا‮ ‬دائما؟
إن‮ ‬الفرق‮ ‬بين‮ ‬مغرب‮ ‬الأمس‮ ‬ومغرب‮ ‬اليوم‮ ‬هو‮ ‬أن‮ ‬المواطن‮ ‬أصبح‮ ‬يملك‮ ‬الجرأة‮ ‬والشجاعة‮ ‬على‮ ‬الإمساك‮ ‬بالورقة‮ ‬والقلم‮ ‬وكتابة‮ ‬لائحة‮ ‬مطالبه‮ ‬والخروج‮ ‬إلى‮ ‬الشارع‮ ‬للتلويح‮ ‬بها‮ ‬نحو‮ ‬من‮ ‬يحكمونه‮ ‬مباشرة‮ ‬وبدون‮ ‬انتظار‮ ‬وساطة‮ ‬وسائل‮ ‬الإعلام‮.‬
لقد‮ ‬أصبح‮ ‬الجميع‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬البلاد‮ ‬كاتب‮ ‬عمود‮ ‬وصاحب‮ ‬رأي‮ ‬يملك‮ ‬القدرة‮ ‬على‮ ‬التعبير‮ ‬بوسائل‮ ‬متعددة،‮ ‬لذلك‮ ‬تستطيع‮ ‬سميرة‮ ‬سيطايل‮ ‬أن‮ ‬تغلق‮ ‬منافذ‮ ‬غرفة‮ ‬أخبارها‮ ‬جيدا،‮ ‬فالمغاربة‮ ‬أصبحت‮ ‬لديهم‮ ‬قنوات‮ ‬أخرى‮ ‬للتعبير‮ ‬عن‮ ‬رأيهم‮ ‬خارج‮ ‬هذا‮ ‬السجن‮ ‬الإعلامي‮ ‬العمومي‮ ‬الذي‮ ‬أرادوا‮ ‬أن‮ ‬يضعوهم‮  ‬فيه‮ ‬ويسلطوا‮ ‬عليهم‮ ‬المسلسلات‮ ‬المكسيكية‮ ‬والهندية‮ ‬السخيفة‮ ‬لتبليد‮ ‬ذوقهم‮ ‬وتخريب‮ ‬أخلاق‮ ‬أبنائهم‮ ‬وبناتهم‮.‬
اليوم،‮ ‬أصبح‮ ‬كافيا‮ ‬أن‮ ‬يأخذ‮ ‬المرء‮ ‬قلم‮ ‬حبر‮ ‬ولافتة‮ ‬لكي‮ ‬يخط‮ ‬عليها‮ ‬مطالبه‮ ‬ويخرج‮ ‬بها‮ ‬إلى‮ ‬الشارع‮ ‬لكي‮ ‬تتسابق‮ ‬لتصويره‮ ‬وسائل‮ ‬الإعلام‮ ‬المحلية‮ ‬والدولية‮. ‬
لذلك،‮ ‬فالذين‮ ‬لازالوا‮ ‬يعتقدون‮ ‬أن‮ ‬المغاربة‮ ‬إذا‮ ‬لم‮ ‬يظهروا‮ ‬في‮ ‬نشرات‮ ‬أخبارهم‮ ‬وبرامجهم‮ ‬فلن‮ ‬يكون‮ ‬لهم‮ ‬وجود‮ ‬واهمون‮ ‬ويعيشون‮ ‬خارج‮ ‬اللحظة‮ ‬التاريخية‮. ‬
إن‮ ‬المطالب‮ ‬التي‮ ‬كنا‮ ‬ندافع‮ ‬عنها‮ ‬ونطالب‮ ‬بتحقيقها‮ ‬على‮ ‬الورق،‮ ‬نزلت‮ ‬اليوم‮ ‬إلى‮ ‬أرض‮ ‬الواقع‮ ‬وأصبحت‮ ‬تتحرك‮ ‬في‮ ‬الشوارع‮ ‬والساحات‮ ‬والأزقة،‮ ‬محمولة‮ ‬بسواعد‮ ‬هؤلاء‮ ‬المواطنين‮ ‬الذين‮ ‬كان‮ ‬البعض‮ ‬يعتقد‮ ‬أننا‮ ‬عندما‮ ‬نخاطبهم‮ ‬فكأنما‮ ‬نسكب‮ ‬الماء‮ ‬في‮ ‬الرمل‮. ‬
ما‮ ‬يحدث‮ ‬اليوم‮ ‬في‮ ‬المغرب‮ ‬يقول‮ ‬العكس‮. ‬ما‮ ‬كنا‮ ‬نسكبه‮ ‬يوميا‮ ‬طيلة‮ ‬كل‮ ‬هذه‮ ‬السنوات‮ ‬لم‮ ‬يذهب‮ ‬سدى‮. ‬والدليل‮ ‬هو‮ ‬ما‮ ‬ترونه‮ ‬اليوم‮ ‬على‮ ‬الأرض‮. ‬إقرؤوا‮ ‬اللافتات‮ ‬جيدا‮ ‬وستفهمون‮ ‬كل‮ ‬شيء‮.   ‬

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة