أخبارنا المغربية
عبدالاله بوسحابة : أخبارنا المغربية
علاقة بحملة الاعتقالات التي تلت البلاغ المشترك لكل من وزارتي العدل والحريات والداخلية، بشأن تكييف تفاعلات بعض الشباب العاطفية واللحظية حول مقتل السفير الروسي بتركيا وصياغتها في شكل تدوينات وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي،اعتبر الأستاذ العربي تابت رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان - فرع تمارة ، وعضو مكتبها المركزي، أن العملية ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار 4 معطيات هامة لم يتم الاستناد إليها قانونيا قبل استدعاء من توبعوا بتهمة " الإشادة بالارهاب " في قضية مقتل السفير الروسي.
أولا: أن مبدأ الشرعية الجنائية في شقيه الإجرائي والموضوعي يقتضي أن يكون مصدر التجريم والعقاب هو النص القانوني بالمعنى الضيق للقانون، وليس البلاغات والبيانات والمناشر والمذكرات، وأن نص التجريم والعقاب يقتضي أن يكون واضحا لا لبس فيه ولا قابلية له للتأويل أو التفسير الواسع ولا يحتمل تجريم أكثر من فعل او جريمة.
ثانيا: أن مفهوم الفصل 218-2 من القانون الجنائي عندما جرم " الإشادة بأفعال تكون جريمة إرهابية " فهو قد ربط بين مفهومي " الإشادة " و " الأفعال المكونة لجريمة إرهابية " وهي الأفعال التي عرفها في الفصل 218-1 من نفس القانون بأنها " أفعال لها علاقة عمدا بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف او الترهيب أو العنف". وهنا يطرح السؤال العريض حول مدى إمكان تكييف واقعة قتل السفير الروسي بأنها جريمة إرهابية ومدى ارتباطها بالمشروع الفردي أو الجماعي الهادف إلى المس الخطير بالنظام العام، خاصة وأن الفاعل قد تم وضع حد لحياته في حينه ولم يتم الاستماع إليه ولا التحقق من ارتباطاته والأساسي أنه لم تتم إدانته بارتكاب " فعل إرهابي " بحيث تبقى الاحتمالات مفتوحة بأن تكون جريمته جريمة عادية ولا ترقى إلى مفهوم الجريمة الإرهابية، وهذا الاحتمال يفتح بابا للشك الذي ينبغي تفسيره لصالح المتهمين بالإشادة.
ثالثا: أن جريمة " الإشادة بأفعال إرهابية " لا تتحقق إلا بارتكابها عبر وسيلة من الوسائل العلانية المحددة في الفصل 218-2 والتي تعتبر شبيهة بتلك المنصوص عليها في مدونة الصحافة والنشر، والتي تتحقق بعرض المكتوب على أنظار " العموم " عبر وسيلة من وسائل الإعلام، وحيث أن موقع فيسبوك يتيح عدة إمكانيات للنشر دون أن يكون المنشور قابلا للاطلاع عليه من قبل " العموم " وبالتالي وجب الرجوع إلى التدوينات للتأكد من الخاصية التي نشرت بها، باعتبار أن الفاصل بين الفضاء الخاص والعام على موقع فيسبوك يتغير بمجرد ضغطة زر. وهو نفس التوجه الذي سار عليه الاجتهاد القضائي المقارن، خاصة محكمة النقض الفرنسية مثلا من خلال قرارها الصادر عن الغرفة المدنية بتاريخ 10 أبريل 2013 تحت عدد 19530-11 والذي اعتبر أن النشر المتاح فقط للأشخاص الذين يسمح لهم المعني بالأمر يعتبر فضاء خاصا وليس عاما.
رابعا: أن مفهوم " الإشادة " يعتبر مفهوما مطاطيا ومتغيرا في اللغة بحيث يحتمل عدة صور منها الإعجاب، ومنها التنويه، كما منها الدعوة إلى إتيان نفس الفعل وغير ذلك، مما يجعل هذا النص بمثابة قاعدة جنائية على بياض تهدد الأمن القانوني للمواطنين. وهذا ما اعتبره المتحدث سببا كافيا لإسقاط المتابعة عن المتهمين باعتماد قاعدة التفسير الضيق للقاعدة الجنائية وتفسير الشك لصالح المتهم.