صلاح الدين بنحميمو
لاشك أن شعب البرازيل بكل شرائحه الاجتماعية والعمرية لن يناموا بسلام في قادم الأيام وسيظلون يتقلبون ذات الشمال وذات اليمين لأن الصدمة كانت من النوع القوي والمرعب ، سبعة أهداف لواحد هي فضيحة تاريخية والمصيبة أنها على أراض برازيلية، سيتذكرها البرازيل كلما على مسامعهم نشيد المنتخب الجرماني منتخب بخلفية نازية لا يعرف لا رحمة ولا شفقة ، انه كابوس غير متوقع وإنها لهزيمة شعب ودولة وليس منتخب فحسب . فكرة القدم والوطن مرتبطان على الدوام و فصيلة كرة القدم الايطالية أثبتت ذلك حين ظفرت بمونديالي 1934 و 1938 باسم الوطن وموسوليني .
العاطفة الزائدة والهالة الإعلامية التي عقبت إصابة نجم السامبا نيمار ساهمت بشكل مباشر في سقوط البرازيل بسباعية تاريخية ، وظهر ذلك منذ الدقائق الأولى من المباراة حيث بدى الشرود الذهني مخيما على معظم لاعبي البرازيل لكي ينتفض آل هتلر ويعيدوننا لأجواء كروية غير معتادة في العقود الأخيرة ، إنها كرة من نوع خاص ولمسات قل نظيرها وتركيز لا يتقنه إلا لاعبوا المانشافت ، لقد فرضت ألمانيا كرة القدم ، واعتمدت السرعة المحضة في جميع عملياتها الهجومية واستبعدت الفرح المبكر ، واستأصلت المخيلة وعاشت مع المباراة بنفس واحد ولقنت البرازيل بين أنصارها درسا ما له مثيل .
ولعل ان شيئا ما قد ساعد على وقوع الكارثة ، فمن غير المعقول ان يخسر فريق مثل البرازيل بهكذا هزيمة ، ولا يمكننا ان نرجع سبب الخسارة إلى غياب النجم نيمار والعميد سيلفا بقدر ما يمكننا أن نتساءل مع الشيخ سكولاري عن مدى جاهزية اللاعبين نفسيا وبدنيا وذهنيا لخوض لقاء غير عادي أمام ماكينات هي الأخرى غير عادية ومن نوع بشري .
خلال المباراة اتضحت الفوارق الفردية الشاسعة بين لاعبي المنتخبين ، فمنتخب ألمانيا كان يلعب كفرد واحد منسجمون إلى أقصى الدرجات ، انسجام عجل في انهيار لاعبي البرازيل منذ الدقائق الأولى ، لينقض منتخب لوف على جل المباراة ويسير بإيقاعها على وثيرة سريعة وعلى نغمة كوووول لسبعة مرات متوالية ، سباعية أبكت الجماهير البرازيلية حتى النواح ، ليتبخر و بذلك حلم معانقة الكأس السادسة . حلم اجهظ بسيناريو غير متوقع وغير مسبوق أبطاله لاعبون بعيون زرقاء وبشرة شقراء.
ولا عجب أن يقع ما وقع فهداف البرازيل الأول هو من أب ألماني ، حيث سجل طيلة مشواره الكروي 1329 هدفا يعني أكثر من بيليه 1279 هدفا ، عكس ما بتداوله جل المهتمين بشأن الكرة ومعجمها ، انه الدولي البرازيلي آرتور فريدينريتش مؤسس الطريقة البرازيلية والذي سجل هدف الفوز لمنتخب البرازيل في نهائي 1919 أمام الاورغواي . حيث غزى شعب البرازيل آنذاك شوارع ريو ديجينيرو وهم يحملون في مقدمة غزوتهم حذاء فريدينريتش ، ويرددون شعار قدم فريدينريتش المجيدة .
وكأن التاريخ يعيد نفسه فلقد عاد الألمان ليسجلوا وبغزارة على الأراضي البرازيلية تماما كما كان يفعل ابن جلدتهم فريدينريتش وهو بقميص منتخب السمبا ، إلا أن هذه المرة تألق وأبدع و سجل الألمان وهم بقميص وطنهم لا بقميص غيرهم حيث اسعدوا شعبا مجنونا بالكرة وافسدوا فرحة شعب يتنفس بالكرة .