دويتشه فيله
تقول شركة سويسرية تستخدم الذكاء الاصطناعي للتحقق من صحة لوحات كبار الفنانين، إن صورة امرأة مزارعة من الأرجح أن يكون قد رسمها ألبرشت دورر، أحد أعظم فناني عصر النهضة الألمانية. ويثير هذا الكشف الأخير الجدل حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل العين البشرية والخبرة في التعرف على صاحب اللوحة الفنية الحقيقي.
وفي هذا الإطار تقول كارينا بوبوفيتشي، الرئيسة التنفيذية للشركة، في مقابلة لـDW إن دقة الذكاء الاصطناعي ترتبط بشكل وثيق بجودة مجموعة بيانات التدريب التي يتم تزويد الذكاء الاصطناعي بها. وتوضح: "تتأثر دقة تحديد العمل الفني بحجم المعلومات المتاحة، وأيضاً باتساق أسلوب الفنان طوال حياته المهنية ". وترى بوبوفيتشي أن واحدة من الصعوبات التي تواجههم في التعرف على لوحات كبار الفنانين بشكل خاص، هي الأعمال المشتركة بينهم وبين متدربين لديهم، وهو ما يصعب التعرف على العمل الفني. "لذلك نتفادى تزويد الذكاء الاصطناعي بالأعمال المعروف أنه تم تعاون فيها بين الفنان الكبير ومتدربيه". لكنها تجد أن أكبر ميزة في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي للتعرف على الأعمال الفنية هي في عدم ضرورة نقل العمل في حد ذاته من مكان إلى آخر، ما يسرع العملية ويقلل التكاليف ومخاطر تعرض العمل لسرقة أو تلف.
لتدريب الذكاء الاصطناعي، لا يتم فقط تزويده بالأعمال الفنية الحقيقية، بل أيضاً بتلك المزيفة تزييفاً جيداً بحسب رئيسة الشركة، سواء من عصر الفنان نفسه أو من العصر الحديث، أو تلك المولدة بالذكاء الاصطناعي بأسلوب الفنان. "يعتمد اختيار هذه المواد التدريبية بشكل كبير على العامل البشري وعلى خبرة مؤرخي الفن. وفي حال دورر مثلاً تم الاعتماد على عصر النهضة المتأخرة، حوالي عام 1600، وهي فترة شهدت تقليداً كبيراً لأعمال دورر إلى حد الكمال تقريبا". ولذلك قامت الشركة بتزويد الاصطناعي بنحو 144 عمل صحيح لدورر، وتقريبا نفس العدد من الأعمال غير الصحيحة.
الذكاء الاصطناعي وحده لا يكفي
وكشفت كارينا بوبوفيتشي عن نتائج تحقيقها في العمل في مؤتمر الأعمال الفنية في تيفاف، ماستريخت، ويصور العمل الذي يحمل توقيع دورر، ويرجع لعام 1505، امرأة مزارعة مبتسمة. وعلى الرغم من التوقيع عليها، إلا أن هذه اللوحة الفنية كانت موضع شك وتم إخضاعها لدراسات المصادقة طويلا. فمنذ عام 1970 وحتى اليوم تقريباً انقسمت الاجتهادات وآراء الخبراء حول لوحة دورر، وهو ما دفع أصحاب اللوحة للجوء للذكاء الاصطناعي بحسب المتحدث عنهم دييغو لوبيز دي أراجون، الذي أضاف لدويتشه فيله: "الإشكالية تكمن في أن هذه الاختلافات في الآراء ليست موضوعية وكثيراً ما تحركها المصالح الخاصة، لكن "تحليل الذكاء الاصطناعي الذي أجريناه يضيف طبقة من الموضوعية إلى عملية المصادقة الفنية" كما ترى رئيسة شركة أرت ريكوجنشن.
ويبقى العامل البشري وخبراء الفن أساسيون في هذه العملية لاختيار هذه اللوحات الصحيحة أو المزيفة ومد الذكاء الاصطناعي بهذه المعلومات، يتم الاعتماد على كتالوجات ومراجع فنية. حيث تضيف بوبوفيتشي: "لا يمكن أن يصل الذكاء الاصطناعي للتأكد بنسبة مائة في المائة، فهي في النهاية قياسات إحصائية". لكنها تضيف: "هدفنا ليس الاستغناء عن العامل البشري بل تعزيز التعاون مع خبراء الفن وتعميق علاقاتنا معهم. وفي الوقت نفسه نحن ملتزمون بشرح تقنية الذكاء الاصطناعي للجمهور الأوسع وشرح المزايا التي تقدمها في مصادقة الأعمال الفنية" "الذكاء الاصطناعي ليس مصمماً ليحل محل العين البشرية والخبرة، بل الغرض منه هو تعزيز الأساليب التقليدية لتوثيق الأعمال الفنية".