عد جهاز الأنتربول، المخابرات المركزية الأمريكية والأخرى الفرنسية والبريطانية المعروفة اختصارا بـ «إم. أي. سيكس» وغيرها من الأجهزة السرية، الجميع دخل في سباق مع الزمن للقيام بما يلزم لوقف الخطر الذي باتت تشكله الأسلحة الليبية «السائبة» على أمن وسلامة دول المنطقة الممتدة على آلاف الأميال من شبه جزيرة سيناء إلى دولة تشاد ومنها حتى الحدود المغربية من الجهة الشرقية الجنوبية المرتبطة بالجزائر، والأخرى المتاخمة للحدود الموريتانية. خاصة بعد التصريحات الأخيرة للمدعو مختار بلمختار( خالد أبو العباس)، أمير كتيبة (الملثمين) سابقا، التي أكد فيها استفادة التنظيم الإرهابي (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) من شحنات كبيرة من السلاح الليبي. آخر المحطات في التنسيق الأمني بين كل هذه الأجهزة الاستخباراتية لمواجهة خطر الأسلحة الليبية الاجتماع المزمع عقده في العاصمة البريطانية لندن أواسط الأسبوع القادم والذي ستحضرة العديد من الأطراف المهتمة والمتابعة للموضوع.
«إن تهريب الأسلحة الليبية لصالح التنظيمات الإرهابية والأخرى العاملة في تنظيمات الجريمة المنظمة مازال يمثل تهديدا حقيقيا وكبيرا للمنطقة الإفريقية وبالدرجة الأولى دول المغرب العربي وفي المقدمة الجزائر والمغرب وموريتانيا باعتبارها الدول الأقرب إلى بلدان شمال المتوسط».. تلك هي خلاصة المذكرة الجديدة للأنتربول والمتبادلة في الأيام القليلة الماضية مع العديد من الأجهزة المخابراتية والأمنية عبر العالم وفي المقدمة تلك المنتمية إلى دول المنطقة.
نفس المذكرة أشارت إلى أن العديد من قطع الأسلحة الليبية المهربة، سواء الخفيفة منها أو الثقيلة تم رصدها في مناطق عدة، من قبيل شمال تشاد ومالي والنيجر والحدود الجنوبية للجزائر والحدود الجزائرية المغربية من جهة الجنوب الشرقي والحدود الموريتانية المغربية.
الشرطة الجنائية الدولية ليست وحدها من أعادت دق ناقوس الخطر من جديد بخصوص تهريب الأسلحة الليبية لصالح تنظيمات إرهابية لم تخف ولائها لتنظيم القاعدة، وفي المقدمة القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، بل إن فرنسا نفسها ومن خلال جهاز المخابرات الخارجي الفرنسي عبر عن مخاوفه من تلك الأسلحة المهربة، والتي أفادت تقارير حصلت عليها تفيد تهريب أسلحة وصواريخ من ليبيا عبر حدود الجزائر وتونس بلغت في بعضها مايعادل10 آلاف قطعة سلاح فردية و 2000 قاذفات صواريخ والتي تشكل تهديدا للعديد من الدول في المنطقة التي تعتبر مناطق نفوذ لباريس.
نفس الأمر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي رصدت أجهزتها المخابراتية والأقمار الاصطناعية عبور وعبر مدن «الهون» و«أوباري« و«غدامس» و«سبها» الليبية المئات من القطع والأسلحة الفردية والثقيلة، حدود العديد من الدول في المنطقة ووصلت حتى حدود المغرب.
هذه التطورات الخطيرة هي التي دفعت بواشنطن إلى إرسال وفد أمريكي عالي المستوى التقى ضباطا جزائريين وموريتانيين ومغاربة، لتبادل المعطيات والمعلومات حول الموضوع و التنسيق لوقف الخطر الذي أصبحت تشكله هذه الأسلحة على أمن المنطقة.
نفس التقارير المتبادلة بين الأجهزة الأمنية لمجموع الدول التي باتت الأسلحة الليبية «السائبة» تشكل تهديدا لأمنها القومي طالبت بضرورة التنسيق المشترك بين الدول المغاربية، وخاصة المغرب والجزائر وموريتانيا والمجتمع الدولي من أجل التضييق على تنظيم القاعدة الذي أصبح ينتهز فرصة الثورات الشعبية على الديكتاتوريات في المنطقة وغياب الأمن لتهريب الأسلحة والتعاون مع التنظيمات الإرهابية الأخرى، خاصة أن حكام ليبيا الجدد لم يتمكنوا حتى الآن من ضبط الأمور داخل البلد نظرا لتعدد مشارب حملة السلاح ومن يتحكمون في مصير المخازن.
الأمم المتحدة بدورها دخلت هي الأخرى على الخط، وأرسلت وفدا أمنيا قاده الممثل الجهوي للمنطقة الإفريقية بالمنتظم الأممي إلى العديد من الدول في المنطقة، للوقوف على آخر التطورات في مايخص الأسلحة الليبية، واقتراح تقديم الخبرة الأممية لدعم التعاون الجمركي والأمني المتعدد الأطراف في المنطقة.
بايوسف عبد الغني