محمـد بنعيــاد
قليل الناس يعلمون أين تقع إسبانيا الصغرى. ففي سنة 1492 اكتشف كريستوف كلومبوس في رحلته جزيرة صغيرة في الأرخبيل الكراييبي يسكنها هنود الكراييب و الأراوكاوس و أطلق عليها اسم "إسبانيولا" , بمعنى إسبانيا الصغرى. لكن لو عاش كن لو عاش إلى في القرن الواحد و العشرين لأكتشف إسبانيا صغرى أخرى محاذية لبلده الأصلي ألا و هي "طنجة".
أصبحت مدينة طنجة قبلة لكل مهاجر حالم بالعبور إلى الضفة الأخرى من المتوسّط, فغالبيتهم يسمون هذه المدينة بإسبانيا الصغرى لأنها تشكل آخر محطة في مشوارهم الطويل الذي قطعه البعض مشيا على الأقدام و البعض الأخر باعوا أغلى ما يملكونه من أجل تغطية مصاريف رحلتهم, يحدون الأدغال اٌفريقية و شمس الصحراء الحارقة و في غالب الأحيان ينتهي بهم المشوار غرقا في مياه البحر المتوسّط.
إن كنت من أبناء المدينة و من عشاقها فلا شك أنك وقفت على ضفاف البحر و تأملت في الضفة الأخرى من البحر, كما أنك حاولت أن تتخيل كيف يعيش الناس هناك و كيف يمضون يومهم..بل لأنك تفضل اقتناء المنتجات الإسبانية على حساب المغربية نظرا لجودتها مثلما يعتقد البعض..لكن لكل شيء حدّه.
وفي الوقت الراهن كل شيء تغيّر, بالبعض قرّر الاستقرار بطنجة لآن الأزمة الخانقة التي تمرّ بها معظم الدول الأوربية أفقدت الرغبة في الهجرة, ناهيك عن بعض الأوربيين الذين يختارون المغرب للاستقرار أو لإيجاد عمل مناسب من أجل سدّ الدّيون التي أثقلت كاهلهم.
إذن فالظروف الرَّاهنة حتَّمت على المغرب أن يستقبل وافدين جدد و خاصة طنجة التي تعتبر بمصابة بوابة العبور من أوربا نحو القارة السَّمراء, و لحسن حضنا نعيش في هذه المدينة و نستمتع بأجوائها, لكن لازال مرحّب بنا في الضفة الأخرى بشرط شراء عقار في إسبانيا ب 160 ألف يورو, حوالي 200 مليون سنتيم مغربي. فيا ترى هل من يملك هذا المبلغ سيسعى إلى الهجرة أم أن البعض سيتدبّر أمره عن طريق القروض من أجل تحقيق حلمه !!؟
بحر الريم
طنجة ..
رغم أنهم يصفونها بإسبانيا الصغرى، و ها كل هذا الكم الهائل من المعجبين بها، لكن لا احد يخفى عليه أنه حب مصلحة، فانت قد ذكرت أنها آخر محطة للهجرة إلى اوروبا و هي الآن أول محطة لاستقبال كل فار من الازمة، هل تظن هذا الأمر سيساعدها كثيرا أم أنه فعلا سيجعل إسبانيا الصغرى تتبع كبراها إلى هاوية الأزمة .. هذا هو ما يخيف سكانها و أهلها و محبيها .. أما المهاجرين سيجدون بديلا لهم، لأنها لا تعني لهم أكثر من مصدر رزق