محمد الدفيلي
انه ذلك الموت القادم إلى الشرق، مغلفا بأكفان بيضاء، محملا على رايات سود، أتيا من قارة الجليد.إن التاريخ لا يراوح مكانه،فدولاب الزمن يعود مرة أخرى، لكن بأحداث و شخصيات مغايرة،يبدل جلده لكن القضية تبقى واحدة و خالدة.
فبعد هجمات المغول هولاكو أو تيمورلانك،والصليبيين،فبونابرت إلى الغزو الامبريالي و إسقاط الخلافة العثمانية،فإقرار خارطة سيكس بيكو.إلى اليوم تعود تلك الهجمات الحقودة على الشرق،نعم ولو كانت ممولة من طرف الأشقاء،الذين أبدوا بصريح العبارة،على حقدهم الدفين من حضارة بلاد الشام والعراق،ومصر ودول المغرب العربي.
هذا الموت الذي رجع إلينا مسودا كريها برائحة الطاعون.من كل الجهات التي تكالبت على شامنا وعراقنا،من الشرق والغرب ظهر هذا الطاعون،وكأنه طائر الفينيق منبعثا من أساطير الإغريق،باسطا جناحيه على دول بعينها،ليحصد الأخضر و اليابس.
هل الحقد،الكراهية،المصالح أم حب التدمير هو الذي يبعث لنا من حين إلى آخر، من بين رماد العالم السفلي،أناسا لا رحمة لديهم،فلا قلوب بل حتى لا عقول عندهم،مأمورون و مسيرون كالأنعام بل هم أشد ضلالا،يأتون على كل شيء،ترى أشكالهم الشعث كأنهم أقرب إلى سكان مشرق الشمس،إنهم يأجوج و مأجوج القرن الواحد والعشرين.
فتاوى من هنا وهناك،من منابر الفتنة و إعلام البتر ودولار،فتاوى التدمير و التخريب لكل قيم الإنسانية،ولمقوماتنا الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية،على قدر كبير من الاهتمام.لكن بالمقابل نجد سياسينا ومفكرينا ،لا يحركون ساكنا و كأنهم متآمرون علينا،أم أنهم لا يبصرون؟؟
ولا يسعنا في هذا المقام إلا التحدث من خلال كلمات الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي،الذي يصور واقعنا العربي الحاضر بشكل واقعي بالغ الأهمية حين يقول: " إذا ما أضعنا شامها وعراقها ..فتلك من البيت الحرام مداخله"