وسط حمامات الدم المراق في ليبيا، كان غريبا إعلان توجه "أحمد قذّاف الدم" إلى مصر، فالرجل هو "سياف" معمر القذافي، وكاتم سره، فهل فرّ أم أنه في مهمّة جديدة من القذافي، فهناك من يشير إلى أنه يزور القاهرة للتعاقد مع "بلطجية" أو مرتزقة لدعم القذافي.
وإذا تأكد فرار أحمد قذّاف الدم، ابن عم العقيد، فذلك يكون بمثابة انفراط الحبّة الأولى من سلسلة العائلة الحاكمة في "الجماهيرية"، ولا سيما أن قذّاف الدم يعدّ من الأركان الرئيسة في حكم "القذاذفة"، وكاتم أسرار النظام.
ولد "قذّاف الدم" في مدينة مرسى مطروح المصرية عام 1952، حظي برعاية القذافي منذ الصغر، فهو الذي أمر بتحويله من التعليم المدني الجامعي إلى الأكاديمية العسكرية التي تخرج فيها بداية السبعينيات من القرن الماضي. وبعد تخرجه التحق بسلاح الحرس الجمهوري متجاوزاً أربع رتب عسكرية دفعة واحدة في فترات زمنيّة لا تذكر.
واتُّهم قذّاف الدم بالمشاركة في الإشراف على بعض جرائم النظام في الخارج ومنها التخطيط لعمليات التصفية الجسدية لبعض المعارضين الليبيين المقيمين في أوروبا. وحاول القذافي توظيفه أكثر من مرة في مهمات ثورية، مثل تعيينه حاكماً عسكرياً لمنطقة طبرق سنة 1984، وأميناً للمكتب الشعبي في السعودية سنة 1985 ومساعداً لشقيقه سيّد قذاف الدم عندما تولّى مهمة الحاكم العسكري للمنطقة الوسطى بعد تصفية تمر 1986. إلا أنه اكتشف أن قذّاف الدم لا يصلح لهذه المهمات، فكلّفه بأعمال متعلقة بأجهزة الأمن وأعمال الاستخبارات، وعقد صفقات السلاح.
وكان قذاف الدم بمثابة المبعوث الخاص لمعمّر القذافي، الذي أوكل إليه ملفات سرّيّة، وخصوصاً العلاقة مع الاستخبارات السعودية والأمريكية والبريطانية والمصرية والمغربية. ارتبط اسمه بمجموعة مرتزقة في أثينا عام 1985 مكوّنة من عراقيين وتونسيين، وكانت تحاول تنفيذ عمليات تصفية بعض المعارضين الليبيين في اليونان.
واشتهر أحمد قذّاف الدم بنشاطاته التجارية من خلال الواجهات الاستثمارية التي أقامتها أجهزة القذافي الأمنية لأغراض التجسس على الليبيين، وقد تورّط معه في تلك النشاطات رجال أعمال ليبيون وعرب، كما عرف عنه إشرافه على حسابات سرية خاصة بالقذافي في مصارف عربية وأوروبية.
ويعد أحمد قذّاف الدم من أصحاب الملايين، ولديه أملاك وعقارات كثيرة في الداخل، وحسابات مصرفية عديدة في الخارج (جنيف وباريس ولوزان والقاهرة والرباط). يتحرك في البلاد العربية وفي أوروبا بحذر، وعادة ما يرافقه حرس خاص، وأحياناً يتولّى عناصر استخبارات دول عربية حراسته في بعض العواصم الأوروبية.
وعلاقات قذاف الدم بمسئولي نظام القذافي توصف بالفاترة وتشوبها الحساسية والعداء أحياناً، وخصوصاً تجاه أعضاء بقايا مجلس قيادة الثورة، ويتهمه خصومه بالغرور وبشيء من التكبّر والغطرسة، ويظهر دائماً بمظهر زير نساء.
-الوفد-