أخبارنا المغربية
سعيد شرامطي
واصل العاهل المغربي جولته الإفريقية بحلوله يوم الثلاثاء بدولة كوت ديفوار في زيارة رسمية بعد أن حل يوم الجمعة الماضية بدولة السنغال التي تعتبر دولة حليفة للمغرب خلال العقود الأخيرة .هذه الزيارة التي يسعى من ورائها إلى تعزيز العلاقات مع دولة إستراتيجية في القارة السمراء.
هذه العلاقات بين المغرب وكوت ديفوار التي تميزت بالمتانة منذ أواخر الخمسينات خاصة بين الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الإيفواري الراحل هوفيت بوانيي. كما أن تواجد جالية مغربية نشيطة في هذا البلد وإن كانت قد تأثرت خلال السنوات الماضية بغياب الاستقرار السياسي. إضافة إلى الدور الرئيسي الذي تلعبه القوات العسكرية المغربية في إطار "القبعات الزرق" منذ 2004 في حفظ الأمن والاستقرار ما هو إلا فيض من غيض في العلاقة التاريخية المتميزة والنموذجية بين البلدين.
و بهذه المناسبة أقام رئيس جمهورية الكوت ديفوار السيد الحسن درامان واتارا٬ يوم الثلاثاء بقصر المؤتمرات بأبيدجان٬ مأدبة عشاء رسمية على شرف الملك محمد السادس ولدى وصوله إلى قصر المؤتمرات ٬ وجد في استقباله الرئيس الإيفواري.
وقبيل حفل العشاء سلم العاهل المغربي لرئيس جمهورية الكوت ديفوار قلادة الوسام المحمدي.ومن جانبه٬ سلم الرئيس الحسن واتارا لملك المغرب القلادة الكبرى للاستحقاق الوطني الإيفواري٬ وهي أعلى وسام تمنحه جمهورية الكوت ديفوار
وقد أعرب ملك المغرب محمد السادس في الخطاب الذي ألقاه خلال مأدبة العشاء عن "اعتزاز البلدين بالعلاقة التاريخية المتميزة والنموذجية٬ التي نشأت بينهما منذ حصولهما على الاستقلال".
كما اعتبر أن هذه الزيارة٬ ستعمل أيضا على تكريس مشروع مستقبلي يخدم شعبا البلدين، مشددا على عمل البلدين سويا على تعميق وتوسيع التعاون بينهما٬ وإرسائه على قواعد متجددة٬ حتى يتسنى لهما مواجهة التحديات، وتحويل إطارهما التشاركي إلى فرص حقيقية للتبادل.
وأكد في هذا الصدد على أن انخراط مجتمع الأعمال يشكل رافعة أساسية للتنمية٬ وخلق فرص الشغل وعاملا ضروريا لتقوية الشراكة.
وقد أشاد الملك بالجهود التي يبذلها الرئيس الإيفواري، من أجل "استتباب الأمن في الأراضي الإيفوارية بأكملها وإعادة تكوين الجيش الوطني٬، وتحقيق المصالحة الوطنية والإقلاع الإقتصادي"، مؤكدا أن المغرب سيظل "خير سند وأفضل شريك" من أجل الاستمرار في المسلسل.
وأضاف معربا عن أمله٬ في تعميق التشاور السياسي البناء مع الرئيس الإيفواري حول القضايا الأساسية٬ التي تهم الأمن والاستقرار الجماعي في شبه منطقتيهما الإفريقيتين٬ والتي تتقاسم نفس المصالح الإستراتيجية، مجددا عزم المغرب على تشييد نموذج مثمر ومزدهر مع الكوت ديفوار، يكون رمزا للتعاون جنوب-جنوب في إفريقيا.
ونوه العاهل المغربي بنمو الإستثمارات المغربية بالكوت ديفوار منذ سنة 2011، من خلال دخول مؤسسات ومجموعات مغربية استثمارية إلى ساحل العاج إلى جانب توقيع "العديد من الشراكات فيما يخص القطاع البنكي٬ وإطلاق مشاريع في ميادين البناء٬ وصناعة الإسمنت٬ في الوقت الذي تواكب فيه التمويلات المغربية إنجاز مشاريع مختلفة في قطاع البنيات التحتية".
وفي إطار توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين ترأس الملك محمد السادس والرئيس الحسن واتارا بالقصر الرئاسي بأبيدجان٬ حفل التوقيع على خمس اتفاقيات تعاون في مجال الصيد البحري وتربية الأحياء المائية، والخدمات الجوية، والتكوين المهني في مجال السياحة٬ والوقاية المدنية، والتشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، إضافة إلى مذكرة تفاهم حول التعاون بين وزارتي الشؤون الخارجية بالبلدين.
ومن جهته عبر الرئيس الإيفواري ٬في خطاب مماثل ٬عن امتنان الشعب الإيفواري لملك المغرب محمد السادس الذي ما فتئ يعمل ٬منذ اندلاع الأزمة الإيفوارية في شتنبر 2002 ٬ من أجل عودة السلم والأمن بالكوت ديفوار٬ مذكرا في هذا الصدد بمساهمة المغرب الفعالة في خروج الكوت ديفوار من هذه الأزمة من خلال مشاركته في "عملية الأمم المتحدة بالكوت ديفوار" بتجريدة من مئات الجنود .
ودعا الرئيس الإيفواري من جهة أخرى رجال الاعمال المغاربة إلى الإستثمار في الكوت ديفوار من أجل مواكبة هذا البلد على درب إعادة البناء وتحقيق التنمية المستدامة .
هذه الزيارة الرسمية التي قام بها العاهل المغربي للكوت ديفوار يعتبرها هذا البلد الشقيق بكل فعالياته ذات أهمية كبرى لأنها تأتي في وقت تخرج فيه البلاد من حالة اللاستقرار السياسي التي تعاني منه.ويرى فيها دعما للإستقرار السياسي في بلد عاش طيلة السنوات الأخيرة على المواجهات بعد الحرب الأهلية ما بين 2002-2004 ثم مرحلة الرئيس اغبابو ما بين 2004 الى 2011 حتى تدخل القوات الفرنسية بدعم دولي لطرده من الرئاسة لخسارته الانتخابات الرئاسية ورفضه الانسحاب لصالح الفائز الرئيس الحالي الحسن واتارا.