الجماهير التطوانية تخصص استقبالاً أسطورياً لفريقها بعد الفوز على اتحاد طنجة

انقلاب شاحنة محملة بأشجار الزيتون بالحي المحمدي يستنفر المصالح الأمنية

بحضور نجوم الفن المغربي.. افتتاح المهرجان الدولي للسينما والهجرة بوجدة

المغربية بومهدي: حققت حلمي مع مازيمبي وماشي ساهل تعيش في الكونغو

الرضواني: خسرنا اللقب ونعتذر للمغاربة..ولاعب مازيمبي تشكر المدربة بومهدي

لمياء بومهدي: لم أتخيل يومًا الفوز بلقب دوري أبطال إفريقيا في المغرب ومع فريق آخر

حماس ونتنياهو: هل من أجندة مشتركة بين الأعداء؟

حماس ونتنياهو: هل من أجندة مشتركة بين الأعداء؟

لحسن الجيت

لا يمكن أن نقرأ هذا المشهد الدرامي الدائر بين تنظيم حماس والجيش الإسرائيلي أو نكتفي بالوقوف عند حدود الكر والفر كما هي عليه مجريات العمليات العسكرية في ظاهرها، إن نحن فعلنا ذلك ستبقى تلك القراءة سطحية وساذجة وبالتالي قد تغيب عنا معطيات وخلفيات أساسية تفسر لنا إلى حد بعيد ما هي المنطلقات وما هي الأهداف التي تتحكم في انشغالات وهواجس الأطراف المباشرة في هذا الصراع. وهي أحيانا أبعد ما تكون مرتبطة ارتباطا عضويا ووجدانيا بانشغالات الشعوب التي كثيرا ما تؤدي الثمن غاليا لحسابات سياسية قد تتوافق عليها ضمنيا، ولو عن بعد، تلك الأطراف المتصارعة.

حركة حماس تقدم نفسها في قاموسها وأدبياتها بأنها حركة إسلامية بنيت على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي أو على الأقل هكذا أراد لها مؤسسها وزعيمها الروحي الشيخ أحمد ياسين أن تكون. لكن تواتر الأحداث والتطورات في المشهد الفلسطيني انتهى إلى صراع داخلي بين حركة حماس المتشبعة بفكر الإخوان المسلمين وحركة فتح بقيادة ياسر عرفات. ونجم عن ذلك تضارب شديد القوة في المقاربات والمنطلقات بين هاتين الحركتين واحدة منهما تومن بالتفاوض مع إسرائيل على إقامة دولة فلسطين فوق أراضي 1967 وأخرى ترفض التفاوض وتعتقد أن فلسطين التاريخية كلها وقف إسلامي غير قابل للتنازل .

 ومع وصول اليسار الإسرائيلي إلى سدة الحكم عام 1992 في شخص إسحاق رابين كرئيس للوزراء سارع هذا الأخير إلى إبرام اتفاقات أوسلو عام 1993 مع شريكه ياسر عرفات. وقد سمحت هذه الاتفاقات بانتقال القيادة الفلسطينية من تونس إلى قطاع غزة والضفة الغربية حيث بدأ التنزيل تدريجيا في بنود تلك الاتفاقات.

اليمين الإسرائيلي لم يكن راضيا تماما على هذا المنحى الذي سلكه إسحاق رابين وصديقه شمعون بيريس، وقد رأى المتطرفون من الجانب الإسرائيلي أن هذه الهرولة تشكل خطرا على أمن إسرائيل. وكذلك حركة حماس كان لها موقف معارض لاتفاقات أوسلو. لأنها وجدت في ذلك تخلي عن الحقوق التاريخية للفلسطينيين، علاوة على ذلك يرى قادة هذا التنظيم الإسلامي أن هذا التوجه يعزز وضعية حركة فتح على حساب حركة حماس.

ومباشرة بعد الشروع في تنزيل مقتضيات اتفاقات أوسلو، كان على اليمين الإسرائيلي أن يتحرك لفرملة مسلسل أوسلو. ولم يجد بدا سوى أن يتولى تصفية إسحاق رابين، كان ذلك في شهر نونبر 1995 في حفل شارك فيه أنصار السلام على يد يهودي متطرف يدعى "إيغال أمير" أمام مرأى ومسمع الشرطة والجيش الإسرائيليين. الحدث كان مزلزلا في إسرائيل سيما وأن الأمر يتعلق بشخصية لها وزنها ولها مكانتها على الصعيدين المحلي والإقليمي والدولي. وتحت هول الفاجعة أنشأت لجنة للتحقيق لكن القائمين على معبد الهيكل كان لهم رأي آخر وألحقوا اللجنة بجثة رابين.

مباشرة بعد تلك التصفية، سارع حزب العمل في شخص شمعون بيريس إلى الإعلان عن الانتخابات المبكرة مستغلا موجة التعاطف التي اجتاحت الرأي العام الإسرائيلي في إطار التضامن مع اليسار وباتت المؤشرات تفيد أن حزب العمل عائد لا محال إلى سدة الحكم في ولاية ثانية.

1 ـ عادت المخاوف لتنتاب من جديد اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو. هذا الرجل بتفكيره الذي لا يرحم وبتنسيق غير معلن مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وجدوا بالتعاون معا وصفة سحرية للحيلولة دون عودة اليسار إلى الحكومة. تلك الوصفة استقرت على الطرف الذي له هو الآخر مصلحة في فرملة مسلسل أوسلو ويتمثل في حركة حماس. لقد أوحي لهذه الحركة أن المنظومة الأمنية لإسرائيل باتت مهترية ومهزوزة بعد تصفية إسحاق رابين وانشغال الجميع بهذا المصاب سيما وأن التوراة تحرم هدر دم اليهودي على يد يهودي آخر. هكذا تهيأ الأمر لحركة حماس وسمح لها بأن تتوغل في إسرائيل لضرب عمقها بإرسال انتحاريين في كل من تل أبيب والقدس وعسقلان وبير السبع وهرزيليا وغيرها من بعض الحواضر التي تتموقع تقريبا في شمال إسرائيل والتي تعني أنها أصلا في مأمن يجعلها بعيدة ولا يطالها انتحاريو غزة. إنه بالفعل ليس اختراقا ولا انكسارا في المنظومة الأمنية، كما توهم البعض آنذاك، وإنما هي خطة محبوكة. وفي اليوم الموعود لتلك الانتخابات وعلى مدى أربعة أشهر تمكن بنيامين نتنياهو من الفوز ليعود اليمين ويقوض مسار عملية السلام بالتعاون غير المعلن مع حركة حماس.

2 ـ مقالب نتنياهو لم تقف عند هذا الحد ونرجسية النضال عند بعض التنظيمات تجعلها تسقط بحكم غباوتها في الأفخاخ التي ينصبها لها الطرف الإسرائيلي. حصل ذلك عام 2006 حينما اندلعت الحرب بين حزب الله وإسرائيل بتخطيط محبوك بعد أن أذنت قيادة الجيش الإسرائيلي لجنديين درزيين بالدخول إلى الجنوب اللبناني تحت طائلة أنهما تائهين بنية أن يلقي القبض عليهما رجال حزب الله. وبالفعل تحقق ذلك السيناريو كما كانت تريده إسرائيل وتوقعت في نفس الوقت أن حزب الله سيتعنت ولن يقبل بإطلاق سراحهما على أساس أن الغنيمة كانت صيدا ثمينا من دون الانتباه أنهما جنديين مسلمين وليسا يهوديين.

قد يتساءل المرء ما هو مكسب إسرائيل من هذا المقلب ولماذا سيكلف بنيامين نتنياهو إسرائيل تبعات حرب، وهي تلك الحرب التي دامت ثلاثة وثلاثين يوما عشتها كدبلوماسي مغربي تحت القصف لحظة بلحظة على بعد مسافة اقل من الكيلومتر الواحد حيث كان مقر السفارة. وحينما وضعت الحرب أوزارها استفاق الجميع على هول الكارثة التي وقفنا على حقيقتها في معقل حزب الله وهو الضاحية الجنوبية التي دمرت وتحولت إلى أكوام جدران يسند جدران. من مخلفات الحرب كذلك عمل حزب الله على إثقال كاهل لبنان واللبنانيين بتهجير ما يزيد عن مليونين من السكان منهم من لجأ إلى شمال لبنان ومنهم من فر هاربا إلى سوريا. دمرت البنية التحتية عن آخرها في جنوب لبنان حيث أغلبية السكان من الشيعة. ووصلت كلفة الحرب إجمالا خمسة عشر مليار دولار.

والأخطر من كل ذلك وهو ما يبين الهدف الذي دخلت من أجله إسرائيل الحرب وهو طرد عناصر الله من المناطق المتاخمة للحدود الإسرائيلية. وبالفعل أذعن حزب الله لهذا المطلب الإسرائيلي بعد أن أصدر مجلس الأمن قراره المعروف تحت عدد 701 الذي طالب برحيل ميليشيات الحزب بعيدا إلى شمال نهر الليطاني. مما لا شك فيه هذه هي نتائج تلك الحرب لكن حزب الله بالرغم من ذلك وكعادته يمتهن الكذب والبهتان ليخرج بأساطير الأولين بأن رجاله قد حققوا في هذه الحرب ما سماه في خطابه "بالنصر الإلهي".

3 ـ السيناريو الذي نعاينه اليوم قد يكون هو الآخر واحدا من بنات أفكار بنيامين نتنياهو بالتنسيق أيضا مع بعض جنرالات المؤسسة العسكرية. ولكلاهما اعتباراته الخاصة التي قد تتحكم فيهما حتى يتسنى المجازفة واستدراج قيادة حماس إلى مستنقع تعلم القيادة الإسرائيلية تداعياته والأهداف المراد تحقيقها من خلال حرب يتضح فيها أن حماس تزحلقت إليها من دون أن تحدد لنفسها ولو هدفا واحدا عدا أنها تسببت في تقتيل الشعب الفلسطيني. إذن لفهم ما يجري وما يحاك لابد من الوقوف على الأسباب والأبعاد لهذه الحرب التي خطط أصحابها لنشوبها.

على مستوى الأسباب ومن خلال قراءة أولية يبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ارتأى إحداث رجة على رؤوس الجميع من شركائه ومعارضيه كي يجد انفراجا للمأزق الذي لازمه منذ أن قام بتشكيل حكومته. فعلى مدى نصف العام أو ما يزيد لم يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي من تخفيض منسوب طوفان الشارع الإسرائيلي الذي لم يتوقف عن حركاته الاحتجاجية ومعارضته الشرسة لسياسة رئيس الوزراء بخصوص ما اعتبره هذا الأخير إصلاحا للمنظومة القضائية. ومن لا يعرف شخصية بنيامين نتنياهو قد يستغرب هذا الطرح. فالرجل بنرجسيته هو الآخر قادر على أن يذهب إلى أبعد الحدود كما يعكسه هذا السيناريو. فمن كان له ضلع في تغييب شخصية وازنة كإسحاق رابين عن المشهد وعن الوجود قد لا يتردد ولو قيد أنملة في المفاضلة بين حسابه وحسابات الآخرين. همه الخروج من أزمته ولو بأي ثمن، لكن ذلك الثمن الذي يثير الخشية له ضوابطه وحدوده بحسب رأي نتنياهو. فالعبرة عنده بالنتائج وليست بالأسباب.

من جهتها اعتقدت قيادة حركة حماس أن إسرائيل تعيش اليوم حالة من الانقسام الحاد وغير المسبوق في تاريخها واعتقدت أن الوقت مناسب جدا للقيام بعمليات عسكرية لخلخة ما تبقى لإسرائيل من شظايا توازن وتهيأ لها أن المنظومة الأمنية والعسكرية في هذه الظرفية أصبحت خارج التغطية. ولربما قد أوحي لها بذلك لاستدراجها في توقيت اقترن بمناسبة عيد الغفران عند اليهود. وبالفعل اندفعت حركة حماس إلى العمق الإسرائيلي وأستعجلت النصر قبل الأوان . وهو السيناريو الذي كان ينتظره نتنياهو ليبني عليه حجة الأمر المقضي به بعد التنكيل بجثث الأسرى من المدنيين وعناصر الجيش الإسرائيلي وسبي النساء. وهي هدية قدمها ما يسمى بالمجاهدين باسم الإسلام بينما الإسلام منهم براء.

هذه الغطرسة لحركة حماس الفاقدة للحس الإنساني شرعت كل الأبواب على مصارعها ليجيز بنيامين نتنياهو لنفسه كل ما أوتي من قوة لإحراق الأخضر واليابس. سيناريو الضاحية الجنوبية في بيروت يعيده نتنياهو اليوم في قطاع غزة على مسمع ومرأى المنتظم الدولي الذي يتفهم مواقف إسرائيل. ما نعاينه اليوم في قطاع غزة لا يعدو أن يكون بداية مشهد درامي لن يرفع عنه نتنياهو يده إلا إذا قضى حاجته فيهم أقلها تطهير قطاع غزة من ميلشيات حماس ما لم تكن النية تتجه نحو إعادة النظر في خريطة المنطقة كما ألمح إلى ذلك بنيامين نتنياهو، وربما يكون فتح الممرات الإنسانية نقطة انطلاق نحو مشروع خطير. وليس من باب الصدفة أو العبث كذلك أن يؤكد العاهل الأردني الملك عبد الله على ضرورة السلام القائم على حل الدولتين. إنها رسالة توحي بأن أمرا ما يتم الإعداد له وقد تكون حماس حمالة الحطب في ذلك. إذن المسألة لا تتعلق بانهيار المنظومة الأمنية والعسكرية لإسرائيل، كما يزهو للبعض أن يحلل ذلك بنشوة زائدة، بل هي عملية استدراج، عودنا عليها نتنياهو، لتحقيق أهداف أخرى لن نستفيق ونقف على حقيقتها إلا بعد أن تضع الحرب اوزارها.

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة