نورالدين زاوش
كنا لنصدق أن موقف المغاربة من القضية الفلسطينية مغاير لموقف الدولة المغربية، لو أن القنوات الرسمية المغربية لم تُغَطِّ، بمهنية عالية وحماسة منقطعة النظير، المسيرة المليونية للشعب المغربي العظيم وهو يتضامن مع الشعب الفلسطيني الأبي، مما أدهش حتى مناهضي التطبيع، الذين يتوهمون، عن جهل أو غباء أو سوء نية، بأن التطبيع يعني تنصل المغرب من التزاماته اتجاه القضية الفلسطينية.
ما لا يفهمه الأعداء، أو بالأحرى ما يعجزون عن فهمه لقصور عقولهم الصغيرة عن الفهم، أن المغرب، شعبا وقيادة وملكا، على قلب رجل واحد، في كل القضايا المصيرية وفي كل الظروف؛ وأن كل المحاولات التي تروم إحداث شرخ بين المغاربة وقيادتهم الحكيمة؛ إنما هي محاولات بئيسة مآلها الفشل الذريع والبوران الفظيع، تماما مثلما آلت إليه مكائد فرنسا وإعلامها المضلل في قضية رفض "المساعدات" الفرنسية، على إثر فاجعة الزلزال الذي ضرب المغرب.
لقد أثبت التاريخ، بما لا يدع مجالا للشك، بأن الشعوب على دين ملوكها؛ لذا لا تحتاج إلى دليل كي نثبت أن العاطفة الجياشة التي تزخر بها نفوس المغاربة الأحرار اتجاه قضايا الأمة؛ إنما هي نابعة من عاطفة قيادتهم الرشيدة التي تسطر البرامج التربوية، وتؤهل الطاقات التوعوية، وتشيد المؤسسات الدينية والتعليمية، وتنتقي المواد الإعلامية؛ هذا ما يفسر أيضا الهبل الذي أصاب الشعب الجزائري الشقيق، جراء ما ينشره إعلامه المنحط من هبل وجنون، وما ينثره في برامجه التعليمية من سموم، وما يروج له، من تضليل وانحطاط، في مؤسساته الثقافية والسياسية والدينية وحتى الرياضية.
لم يُعَرِّ الهجوم على غزة سوأة الغرب الذي يدعي الديمقراطية ويتغنى بحقوق الإنسان، بل عرى أيضا سوأة النظام الجزائري "المساند لفلسطين ظالمة أو مظلومة"؛ حيث لم يسمح بأية مظاهرة تساند الشعب الفلسطيني المكلوم؛ بل وقام باختطاف كل من حاول ذلك، في مشهد أثار استغراب الكيان الصهيوني نفسِه، والذي عجر نفسُه عن كبح جماح مواطنيه المعارضين لهذه الحرب؛ مما يدل على أن النظام الجزائري اللقيط أكثر صهيونية من الصهاينة أنفسهم.
حفظ الله شعبنا الأبي، وحفظ بلدنا وملكنا من كل سوء، وحفظ الشعب الفلسطيني العظيم مما يدبره الكيان الصهيوني الغاشم؛ "يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".