ملعب العربي الزاولي يكتسي حلة جديدة قبل انطلاق دوري أبطال إفريقيا للسيدات

وسط تحفيزات الجماهير...لاعبو الرجاء يتوجهون عبر البراق إلى مدينة تطوان

خطاط مغربي كرمه الملك يبهر زوار معرض الشارقة الدولي للكتاب

المغرب يسجل حضورا قياسيا وغير مسبوق في معرض الشارقة الدولي للكتاب وينال إشادة عالية من الزوار

ممرضو الغد... ينظمون وقفة احتجاجية بالدار البيضاء ويطالبون بالتعويض عن التداريب وعدم خوصصة القطاع

حملة مراقبة صحية صارمة صارمة للمحلات التجارية والمطاعم بطنجة

الماضي السعيد

الماضي السعيد

عبد الرحمن قريشي

 

أقبل على حياته، يعيش لحظته الحاضرة، لا ينغصها ماض دابر، ولا مستقبل زاحف، كأنه المعني بقول الشاعر:

 

ما مضى فات والمؤمل غيب === ولك الساعة التي أنت فيها

 

شد ما نعى على الناس انشدادهم إلى الماضي واستلقاءهم في أحضانه وتحديقهم في ظلماته!

 

أصادق في نعيه أم يخادع نفسه؟

 

ما هذا الإحساس الغريب الذي بدأ يزحف على قلبه، ويجد له لذة؟ هذا الإحساس الذي يملأ عليه أقطار نفسه، وقد ظن أنه تخلص من رواسبه؟.

 

أليس انشدادا وعودة إلى ذلك الماضي السعيد على أجنحة الحب؟!

 

من ذا الذي لا يتشبث بأهداب ماضيه، كأنه قطعة من روحه وإن كان صحراء قاحلة؟

 

وما الظن بمن كان ماضيه قطعة من الجنة يغازل فيها الحور، ويساقيهن الرضا من كأس الحب، ويبادلهن الغرام على وفاء؟

 

نعم تبدلت النفس غير النفس، وانقلب الزمان، فأصبح الماضي عنده هو الحاضر الذي يجب الاستلقاء في شواطئه والموت بين أمواجه الدائبة.

 

كانت حياته هادئة مطمئنة كبركة صافية الماء، تنعكس على صفحتها الأشجار المحيطة بها والنجوم المتدلية من سمائها، ووجوه الحسان اللواتي يستغنين بصفاء مائها عن المرايا، وقد يعبثن بالاستحمام فيها.

 

من هي الحسناء التي أطلت وعبثت، فحركت ساكنها، وأثارت كوامنها، وألهبت لواعجها؟!

 

إنها تلك التي أرته الحياة في أبهى صورها، وعلمته أن الحب نوع من العبادة، يتطهر به القلب ويسمو، ويواجه الموت في أسمى صور الشجاعة.

 

أحس طيفها يعانقه، وتموجات أنفاسها الدافئة على محياه، تهدهد عواطفه، ونغمات حديثها تنسكب في أذنه موسيقى ساحرة.

 

ها هي رسالتها الأولى التي ألهمت وأوحت آيات الحب، التي رتلها غير ما مرة كما يرتل العبد الأواه مزاميره في محرابه، لماذا احتفظ بها؟ هل يخاف أن ينسى كلماتها المعدودة؟ وهل ينسى النبي الوحي المنزل عليه؟

 

وتلك الصورة التي يطل منها وجه وضيء، يحيط به شعر منسدل، ديجوجي فاحم، كالقمر في الليلة الظلماء. زودته بها إعرابا عن حب وليد. لماذا أبقاها؟ هل يخاف أن ينسى قسماته المليحة؟ هيهات!!

 

تذكر الاستقبال الدافئ، والنظرات الواعدة، فاختلج قلبه:

 

"يا للمصادفة! كأننا على موعد! " ندت منه بدهشة مصطنعة.

 

صعدت فيه نظرها وقالت: "لو غيرك أبداها لخدعني!"

 

أضاف وقد ملأ عينيه من حسنها البهي: "قلبك رقيق"

 

سايرته: "لذا يتعذب ويتألم!"

 

ابتسم وقال يفلسف: "وفي ذلك سعادة ولذة!"

 

همست بحياء: "ما أحلى كلامك!"

 

رد بصدق: "أحلى منه لقاؤنا".

 

ثم سأل كأنما يختبرها: "ما رأيك في المستقبل؟"

 

ردت على الفور: "أكبر منغص للحاضر!"

 

عقب عليها بغبطة: "ليهنأ الإنسان بالساعة التي هو فيها!"

 

انقضت أيام، وانصرمت شهور، والحب الوليد ينمو حتى اشتد عوده، فأثمر مناجيات حالمة في ظل دوحة مباركة، لا تخلو من دغدغات مسكرة وشمات مكهربة.

 

استغرقا ليلة في مناجاة حتى قال بهيام: "ما قيمة الحياة بلا حب؟"

 

قالت وهي تنظر إلى القمر المضيء كأنما تسأله: "هل يوجد أسعد منا؟"

 

افترقا ولسان حال كليهما يعلن إلى الآخر، والنجوم المتلألئة تشهد: "أنت حظي في الحياة!!"


عدد التعليقات (1 تعليق)

1

ع الرحمان

ما أروعك..!!

"...أحس طيفها يعانقه، وتموجات أنفاسها الدافئة على محياه، تهدهد عواطفه، ونغمات حديثها تنسكب في أذنه موسيقى ساحرة..." يالها من كلمات رائعة : فيها توصيف دقيق لإحساس المحب وكأننا أمام أحاسيس دافئة هادرة ثلالثية الأبعاد..

2017/01/12 - 02:12
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات